عقدت لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة جلسة بتاريخ 02 فيفري 2024 خصصتها للاستماع الى كل من ممثلين عن الجامعة الوطنية للتعليم العالي الخاص والبحث العلمي بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والى ممثلين عن الاتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين، وذلك في اطار دراسة مقترح القانون المنقح للقانون عدد 73 لسنة 2000 المؤرخ في 25 جويلية 2000 والمتعلق بالتعليم العالي الخاص.
وخلال الحصة الأولى من الجلسة استعرض رئيس اللجنة أهم مقاصد مقترح القانون والمتمثلة خاصة في إلزام المؤسسات الخاصة للتعليم العالي انتداب نسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة من جملة إطار التدريس المباشر كمدرسين قارين يؤمنون نصف الدروس المقدمة في إطار كل شهادة منظمة من قبل المؤسسة الخاصة للتعليم العالي، كما أوضح ان المقترح ينص على ضرورة أن يكون المدرسون القارون حاملين لشهادة الدكتوراه وذلك بغاية تعزيز جودة التعليم العالي الخاص من جهة ومساهمة القطاع في الحد من بطالة أصحاب شهادة الدكتوراه من جهة أخرى.
ثم تولت السيدة حباب العجيمي نائبة رئيس الجامعة الوطنية للتعليم العالي الخاص والبحث العلمي تقديم عرض أكدت في مستهله أن الجامعة لا تعترض على هذا المقترح وعبرت عن الاعتزاز بالكفاءات الوطنية من حاملي شهادة الدكتوراه والتي بانتدابها ستتحسن حتما جودة التعليم العالي.
كما أوضحت أن الجامعة تناولت هذه الإشكالية منذ أربع سنوات، تاريخ اعتصام الدكاترة المعطلين بمقر وزارة التعليم العالي وتقدمت بعديد المقترحات في الغرض من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة، معتبرة أن أهم إشكال هو عدم ملاءمة عدد هام من البحوث مع متطلبات سوق الشغل، إضافة الى عدم قدرة القطاع العام على استيعاب حاملي شهادة الدكتوراه نظرا للنقص في عدد الطلبة ، وان الحل هو انتداب إطارات تعليم عالي قارين بالمؤسسات الخاصة للتعليم العالي. مؤكدة في ذات السياق ان هذه المؤسسات هي مؤسسات وطنية لكنها تعاني من تغييبها في اتخاذ القرار وفي مجالس الجامعات، معتبرة أنه لم يعد مقبولا اليوم أن لا تساهم المؤسسات الخاصة في مجال البحث العلمي خاصة في ظل عدم تمكينها من إحداث مخابر بحث وهو مطلب ملح لم تجب عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مذكرة في ذات السياق بأهمية تقييم الجودة في مجال التعليم العالي.
كما اشارت الى اشكال اخر يواجه الانتداب في مؤسسات التعليم الخاص المتمثل في عدم وضوح التدرج في المسار المهني للأستاذ الباحث و عدم التقدم في الحياة المهنية.
كما أشارت إلى أن الجامعة راسلت الوزارة من أجل مدها بعدد واختصاص حاملي شهادة الدكتوراه العاطلين عن العمل بصفة دقيقة حتى يتحصل الدكتور على تكوين بيداغوجي يؤهله للتدريس، مشيرة إلى أنه تم تقديم مقترح للوكالة الوطنية للتشغيل حول برنامج تكوين بغاية انتداب عدد هام ممن يرغب في الالتحاق بقطاع التعليم العالي.
وأكدت من جهة أخرى أنّ الجامعة اقترحت على سلطة الاشراف تنقيح القانون والفصل بين لجان التأهيل ولجان الانتداب مشيرة الى وجود صعوبات في إيجاد مدرسين في الاختصاصات التقنية وذات التشغيلية العالية.
وأشار السيد محمد دمق رئيس الجامعة الوطنية للتعليم العالي الخاص والبحث العلمي إلى أن هياكل التعليم العالي الخاص غير ممثلة في مجلس الجامعات وهو الهيكل الذي يسير القطاع وذلك رغم أهمية مؤسسات التعليم العالي الخاص سواء من حيث العدد (83) مؤسسة يؤمّها حوالي 45 الف طالب وبالتالي فهي مقصاة من ابداء رايها في اصلاح القطاع.
وفي مستهل النقاش ثمن المتدخلون موقف ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة من مقترح القانون ،مؤكدين أن التعليم العالي الخاص يمثل قاطرة للاستثمار والتنمية ويساهم في تطوير التعليم العالي العمومي، ودعوا إلى إيجاد تصور شامل لهيكلة الجامعات الخاصة وللجان التي ستتولى انتداب الدكاترة العاطلين عن العمل.
واقترحوا إحداث شراكة بين المخابر البحثية في القطاعين العام والخاص يتم فيها تجميع الإمكانيات، وتسهيل التأهيل بالجامعات الخاصة والتنسيق بين الاختصاصات المتاحة ومتطلبات سوق الشغل.
وخلال الحصة الثانية استمعت اللجنة إلى ممثلين عن الاتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين، حيث بينوا في مداخلاتهم أن عدد الطلبة الذين يدرسون بمؤسسات التعليم العالي الخاص تراجع مقارنة بالسنوات الفارطة، حيث يبلغ حوالي 40 ألف طالب إلا أن أغلب هذه المؤسسات في وضعية مادية صعبة بسبب تداعيات جائحة كورونا وتراجع عدد الطلبة الأجانب الذين اختاروا التوجه للدراسة ببلدان أخرى وارتفاع معاليم الآداءات المفروضة على المؤسسات المذكورة، وتمت الدعوة في هذا الإطار إلى ضرورة معالجة مشكل بطالة الدكاترة في إطار حل أشمل لإصلاح نظام التربية والتعليم ككل مع مراعاة كل الإمكانيات المتوفرة، كما طالبوا بتوخي الدقة والوضوح في صياغة مقترح القانون تجنبا للوقوع في الغموض الذي يفتح الباب أمام اختلاف التأويلات القانونية مع اعتماد التدرج في تطبيق القانون على مدى زمني مناسب مقترحين أن يتم التنصيص على مدة 5 سنوات حتى لاتتضرر مؤسسات التعليم العالي الخاص.
واعتبروا أن مقترح القانون المعروض على اللجنة تضمن تناقضا كبيرا مع الواقع ومع كراسات الشروط المنطبقة على مؤسسات التعليم العالي الخاصة حيث لم يراع كون الاختصاصات المطلوبة في التدريس بهذه المؤسسات تتغير حسب تطور العلوم ومتطلبات سوق الشغل.
وتمت الإشارة إلى أن تصنيف الجامعات الخاصة لا يكون على أساس معيار تشغيل الدكاترة الباحثين فقط بل يتجاوز ذلك إلى عدة معايير أخرى وحول التنظير فيما يخص الأجر الأدنى وعدد ساعات التدريس والـتأطير مع الأنظمة الخاصة للمدرسين الباحثين بالتعليم العالي بالقطاع العمومي تمسكوا بحق مؤسسات التعليم العالي الخاص بضبط سلم التأجير وتم اقتراح اعتماد عقد برنامج يطور البرامج التعليمية ويكون معترف به بكل العالم مع سن نظام أساسي منظم لمهنة الأستاذ الباحث يتم تطبيقه بالقطاعين العام والخاص.
وأكدوا أن القانون عدد 73 لسنة 2000 المؤرخ في 25 جويلية 2000 المتعلق بالتعليم العالي الخاص لم يعد مسايرا للواقع الحالي للقطاع ووجب تنقيحه مع مراعاة وضعية مؤسسات التعليم العالي الخاصة. وطالبوا بمراجعة سلم الأجور بمشاركة وزارة الشؤون الاجتماعية والإتحاد العام التونسي للشغل في ظل غياب اتفاقية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لضبط نظام التأجير.
ثم تفاعل النواب مع رأي الإتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين والمقترحات المقدمة فبينوا أن الغاية من المبادرة التشريعية هو الحفاظ على جودة التعليم والارتقاء بمؤسسات التعليم العالي الخاص وتأمين مستوى عالي في التكوين ب والتدرج العلمي وليست الغاية منها التشغيل فقط باعتباره مسؤولية مشتركة.
كما دعا عدد من النواب إلى انفتاح مؤسسات التعليم العالي الخاصة على المؤسسات الاقتصادية والتشبيك بين الجامعات وتأمين مراكز بحث بالقطاع الخاص تكون تحت التأطير المزدوج لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمؤسسة الخاصة وتأمين الـتأهيل والتكوين المستمر للأستاذ الباحث حتى يكون مواكبا للتطور العلمي من جهة ويضمن حقه في التدرج في مساره المهني من جهة أخرى. وشدد عضو من اللجنة على ضرورة تمثيل الإتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين باللجان القطاعية.
وبين رئيس اللجنة أن الغاية الأساسية من تقديم مقترح القانون هي حوكمة التعليم وانه لا يمكن تحقيق إصلاح جدي وحقيقي لنظام التربية والتعليم دون وجود رؤية شاملة ومتكاملة للإصلاح المنشود وتنسيق تام بين وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتشغيل والتكوين المهني.