نظّمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، اليوم الاثنين 20 ماي 2024 بمبادرة من لجنة التشريع العام، يوما دراسيا برلمانيا حول "مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن جوانب حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة، المعتمد بجينيف بتاريخ 6 ديسمبر 2005 (عدد 51/2023) "، أشرف عليه السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب وحضره نائب رئيس المجلس، ورئيس لجنة التشريع العام ،وعدد من النواب والضيوف من وزارة التجارة وتنمية الصادرات وزارة الصحة والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية.
وبيّن السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب في مفتتح الأشغال، أنّ هذا اليوم الدراسي يندرج في سياق منهجية العمل التي أقرّها مكتب المجلس والمتعلّقة بتعميق النّظر في المبادرات التشريعية والتباحث في محاورها وفلسفتها وأهدافها مع الكفاءات الوطنية في فضاء الاكاديمية البرلمانية. وجعل هذا الفضاء اطارا للإنصات والتحاور لتجويد التشريعات بما يخدم تطوير العمل البرلماني ويحقق نجاعة العمل التشريعي.
وبين السيد ياسر القوراري رئيس لجنة التشريع العام ان تناول مشروع هذا القانون في اطار يوم دراسي يتنزل في سياق مزيد توسيع وتعميق النظر واثارة النقاش قبل المرور الى الجلسة العامة. وذكّر بمسار عرض مشروع هذا القانون ، وأوضح انه أحيل على انظار اللجنة بتاريخ 25 مارس 2024 وتمت الموافقة عليه والمصادقة على التقرير بشأنه بتاريخ 10 ماي 2024 وذلك بعد الاطلاع على رأي لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة.
وأضاف في هذا السياق ان تعطل المصادقة على مشروع القانون يعود الى انشغال اللجنة بمشاريع قوانين ذات صبغة استعجالية من ناحية وتعذر حضور الجهات المعنية بالاستماع اليها من جهة أخرى.
وبيّن عمق النقاش الذي تم في خصوص هذا المشروع الذي يتعلق أساسا بتصنيع مواد صيدلية وصحية في إطار اتفاقية منظمة التجارة العالمية، مؤكدا أن فهم هذه الاتفاقية وطبيعة الأطراف المتدخلة فيها يستدعي الاطلاع على معطيات تتعلق بظروف نشأة المنظمة العالمية للتجارة وأبرز أهدافها إضافة الى جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة (أو ما يعرف باتفاقية التريبس «Trips agreement» والاحكام المتصلة ببراءة الاختراع.
وخلال النقاش العام، قدّم الضيوف من ممثّلي وزارة التجارة وتنمية الصادرات ووزارة الصحة والمعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية، ملاحظاتهم حول "مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهورية التونسية إلى البروتوكول المعدل لاتفاقية المنظمة العالميّة للتجارة بشأن جوانب حقوق الملكيّة الفكرية المتصلة بالتجارة، المعتمد بجينيف بتاريخ 6 ديسمبر 2005"، مثمّنين المجهودات التي قامت بها اللجنة من أجل تفكيك ودرس أهداف هذه الاتفاقية.
وبيّن الضيوف، أهمية هذه الاتفاقية معتبرين انها ساهمت في دمقرطة الصناعات الصيدلية ومكّنت البلدان النامية من التوسّع في تصنيع وتجارة الادوية باعتبار ان البلدان المتقدمة كانت تستأثر هذا المجال.
وأكّد ممثل وزارة التجارة وتنمية الصادرات، أن الاستفادة من هذه الاتفاقية ستكون اقتصادية ولها جانب تجاري وستساهم في توسيع سوق صناعة وتوريد وتصدير الادوية من والى البلدان النامية. وأضافوا أنها ستمكّن تونس بفضل تطور التقنيات التكنولوجية وكفاءاتها الوطنية في هذا المجال ، من تصنيع أدوية كانت حكرا على الدول المتقدمة لصالح هذه الدول.
كما شدّ على أهمية التسريع في المصادقة على الاتفاقية، باعتبارها ستمنح تونس فرصة هامة لتنمية صناعاتها الدوائية ولا سيما صادراتها، واشار الى أنّ الدول الافريقية الفاعلة في صناعة الادوية عددها محدود وهي (تونس ومصر وجنوب افريقيا والمغرب ونيجيريا وكينيا).
وأوضح أنّ الاتفاقية في جوهرها تنصّ على السماح لبعض البلدان في حالات معينة على براءة الاختراع وتصنيع هذه الادوية سواء عبر المؤسسات العمومية او الخاصة. وأضاف ان هذه الاتفاقية سيتمكّن من تقليص المعاليم الديوانية الخاصة بالتصدير للبلد المتحصل على ترخيص التصنيع فضلا عن التخفيض في شراء براءات الاختراع.
من جهته بين ممثل المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعيةّ ، أهمية عناصر الملكية الفكرية الصناعية مشيرا خلال لمحة تاريخية الى خصوصيات مسألة حماية براءة الاختراع و اتفاقية حماية الملكية الفكرية. وبيّن أنّ الجديد في مشروع الاتفاقية هو كيفية استغلال وتطبيق الترخيص الاجباري التعاقدي للاستغلال الاختراع ولا سيما ان اتفاقية "تريبس" أقرت جملة من الاستثناءات لا سيما المتعلقة بالاستئثار ببراءة الاختراع.
وأكد ان الاستثناء في هذه الاتفاقية يخوّل للدولة في حالات قصوى الحصول على ترخيص اجباري لصناعة دواء معين ويبقى على المستوى الوطني، معتبرا ان ذلك الترخيص يمكن أن يخلق بعض الإشكاليات باعتبار ان تصنيع الادوية ليس بالأمر الهين بالنسبة للدول النامية نظرا لقلة الإمكانيات لاسيما التكنولوجية.
وأكد أهمية هذه الاتفاقية لا سيما انها ستسمح بتصنيع الدواء في جائحة معينة أو أمراض معينة بعد حصول البلد على الترخيص الاجباري الذي سيمكّن بدوره هذه الدولة من طلب دولة أخرى بتصنيع دواء لفائدتها.
وتفاعل النواب خلال النقاش مع ما تمّ تقديمه من معطيات بخصوص محتوى الاتفاقية، مشيرين الى أهمية دعم البحث العلمي حتى يتسنى تصنيع المواد الفعّالة لا سيما ان تونس تحظى بالكفاءات الوطنية في مجال تصنيع الادوية والصناعات الصيدلية بصفة عامة.
كما أشار بعض النواب الى أهمية الأدوية الجنيسة لاسيما في ظل ارتفاع الامراض المزمنة والجوائح في تونس وتساءلوا عن إمكانيات تونس لتصنيع الادوية.
واكد النواب أهمية التفكير الجدّي في الاستثمار في تصنيع الادوية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مشيرين الى ضرورة دعم وتنويع الشراكات في المجال العلمي لا سيما أنها بقيت حكرا على بعض المخابر العالمية الأوروبية والأمريكية.
كما تمّ التساؤل حول حدود التراخيص الاجبارية لبراءات الاختراع واختصاصاتها فضلا عن مجالات الانتفاع بها وفاعليتها والفرق بين الترخيص الاجباري والوجوبي.
وتفاعل الضّيوف مع استفسارات النواب مجدّدين أهمية هذه الاتفاقية لا سيما أنّ القارة الافريقية تعمل على تحقيق تحدّي الاكتفاء الذاتي في تصنيع الادوية وتصنيع السيارات. وأشاروا الى تفاصيل مسالة التراخيص الاجبارية والوجوبية وتأثيرها على الاقتصاد الوطني .
وأشارت ممثّلة وزارة الصحة الى أهمية العمل على تصنيع المواد الفعّالة في ظل مشاكل المواد الأولية مؤكدة تكثيف الجهود والحملات التوعوية من اجل تعزيز ثقافة الادوية الجنيسة باعتبار ان القانون يشجع على مثل هذه الادوية.
كما تطرّقت الى الإشكاليات والصعوبات المادية التي تواجهها الصيدلية المركزية لا سيما في علاقة بتسديد ديونها مع المخابر الأجنبية ما انعكس سلبا على توفير الادوية اللازمة لا سيما المتعلقة بالأمراض المزمنة والخبيثة.