نظّم مجلس نواب الشعب صباح اليوم الأربعاء 25 أكتوبر2023 يوما دراسيا برلمانيا حول "قانون الماليّة لسنة 2024" أشرفت عليه نائبة رئيس مجلس نواب الشعب السيدة سوسن المبروكي، وحضره نائب رئيس المجلس السيد الأنور المرزوقي و رئيس لجنة المالية والميزانية وعدد هام من النواب.
وخلال افتتاحها هذا اليوم الاكاديمي، وجهت السيدة سوسن مبروك نائبة رئيس مجلس نواب الشعب تحية اكبار واجلال للمقاومة الفلسطينية ولكل الشعب الفلسطيني الصامد والمناضل مثمّنة موقف رئيس الجمهورية المبدئي والمنسجم لأول مرة مع الموقف الشعبي حول القضية الفلسطينية .كما حيت كل أحرار العالم اللذين لا يزالوا يناصرون القضية الفلسطينية وينددون بجرائم الكيان الغاصب.
كما أبرزت أهمية هذا اليوم الدراسي الذي يندرج في إطار الرؤية الاستراتيجية والخطة العملية التي تبنتها رئاسة المجلس والنواب من اجل تطوير العمل التشريعي والرقابي حتى يكون عملا ناجعا.
بدوره اعتبر رئيس لجنة المالية السيد عصام شوشان ان هذا اليوم هو عبارة عن حلقة نقاش وتفاعل بين النواب والخبراء وسيمكن جميع النواب من المشاركة في ابداء الرأي وتبادل وجهات النظر حول قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2024.
ثم تولّى المستشار الجبائي محمد صالح العياري، تقديم مداخلة حول أهم الامتيازات الجبائية والمالية المدرجة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2024 معتبرا انه تضمّن عدد من النقاط الإيجابية ولم يفرض ضرائب وأداءات جديدة على الشركات والمواطنين.
و اعتبر ان هذه الامتيازات تتعلق أساسا بدعم صغار الفلاحين و زراعة الحبوب تخفيف الجباية الموظفة على بعض المواد العلفية من اجل مجابهة النقص في الاعلاف والنهوض بالإنتاج الوطني من الالبان الى جانب دعم تمويل المشاريع للفئات الضعيفة بإحداث خطي تمويل بمبلغ 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل الى جانب اجراء التخفيف من كلفة مادتي القهوة والشاي بتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة عند التوريد , واعفاء المؤسسات الجديدة لإحداث لمدة 4 سنوات في اطار التشجيع على احداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل إضافية الى جانب دعم مجهودات الدولة للمحافظة على الموارد المالية من خلال اسناد قروض دون فائدة على موارد الصندوق.
واكد أنّ المشروع الجديد تضمّن إجراءات تستهدف الترفيع في نسبة الإتاوة على بعض الأنشطة التجارية والاقتصادية التي تستعمل الموادّ المدعّمة.
كما ذكر عددا من من المأخذ على قانون المالية لا سيما فيما يتعلق بحرمان بعض الاجراء المستقيلين من بعض الشركات من امتياز احداث مؤسسات جديدة ويريدون الانتصاب للحساب الخاص داعيا النواب الى التداول بخصوص هذا الفصل وتغييره لتمكين أكثر ما يمكن من الشباب لإحداث مؤسسات. وانتقد اجراء التوسع في اتاوة الدعم على بعض المؤسسات التجارية والاقتصادية بما يمكنه ان يؤثر في الترفيع على الاسعار واثقال كاهل المواطن.
ودعا بخصوص مراجعة المنظومة الجبائية الى تبسيط المنظومة الجبائية وتوسيع القاعدة حتى تشمل أكثر ما يمكن للمطالبين بالضريبة من اجل إرساء عدالة جبائيه واقترح توفير مداخيل جبائيه إضافية لتمويل ميزانية الدولة من اجل تجنب اللجوء الى الاقتراض الخارجي قدر الإمكان.
بدوره قدّم الأستاذ الجامعي والخبير المحاسب إلياس غراب، قراءة نقدية حول بعض احكام قانون المالية لسنة 2024 لا سيما الفصول( 30-33-40-46-50-)المتعلّقة بالأدراج بالبورصة وتحفيز السوق المالية والفصل 30 المتعلق بالتشجيع على تمويل المؤسسات الناشئة والفصل 33 المتعلق بتوسيع مجال تطبيق اتاوة الدعم ومراجعة نسبها الى جانب عدد من الفصول الأخرى. وقدم عددا من مقترحات التعديل والتصويب لجملة هذه الفصول, لعل ابرزها مراجعة نسب خطايا التأثير المجحفة الواردة بقانون المالية لسنة 2023 الى جانب عدم سحب الامتيازات الجبائية عند إحالة المشاريع و إقرار عفو جبائي في صورة التخفيض في نسب خطايا التأخير وغيرها.
وأكّد الأستاذ الجامعي، عبد القادر بودريقة، من جانبه، ان مشروع قانون المالية يجب ان يبنىّ على أربعة محاور كبرى وهي التوازنات المالية والسلم الاجتماعي واستقرار الأسعار ودفع عجلة الاقتصاد والعدالة الاجتماعية والحفاظ على السلم الاجتماعية كتكملة للسياسات والتوجهات الاقتصادية واعتبر أن القانون الحالي في اطار توجه سياسة الدولة نحو استقرار الأسعار والسلم الاجتماعي ولكن مقابل ذلك إشكاليات على مستوى دفع عجلة الاقتصاد باعتبار عجز الميزانية سيكون في حدود 10 مليار دينار وتمويل خارجي بقيمة 16 مليار دينار.
كما بين ان الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية للسنة القادمة، على أهميتها، تعد غير كافية خاصة لدفع الاستثمار مستغربا تخصيص خط تمويل بقيمة 20 مليون دينار لدفع المؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي اعتبره ضعيفا جدا ولم يعط رسائل قوية لحفز الاستثمار الخاص.وحذّر من تواصل غياب تقييم شامل لمجمل الإجراءات الواردة في قوانين المالية السابقة واجراء تدقيق في جدواها الاقتصادية معتبرا أن هناك غياب بارز للسياسة الاقتصادية ولرؤية استراتيجية لإنقاذ الاقتصاد الوطني.
وخلال النقاش العام تفاعل النواب الحاضرون مع ما تم تقديمه من تحاليل وقراءة نقدية في قانون المالية لسنة 2024 مؤكدين على اهمية محاربة الاقتصاد الموازي وسنّ إجراءات هامة لإدماجه في دورة الاقتصاد الحقيقي.
كما تمحورت الأسئلة حول أهمية إرساء سياسة اقتصادية شاملة ترتكز على الموارد الذاتية ومصارحة الشعب بالوضعية الحقيقية للاقتصاد إضافة الى التركيز على مراجعة المنظومة الجبائية والتركيز على العدالة في خلق الثروة وتصويب الامتيازات الجبائية للشركات وتقييم هذه الامتيازات تجنبا لإهدار المال العام.
كما قدم بعض النواب تساؤلات حول أسباب اعتماد سعر برميل النفط في مشروع الميزانية بقيمة 81 دولار والحال ان التوترات الجيوسياسية الحاصلة الان تشير الى إمكانية تسجيل ارتفاع هام في سعر برميل النفط في العام القادم مقترحا الترفيع الى 89 دولارا.
وأكدوا في مداخلاتهم على أهمية التسريع بإرساء الإدارة الرقمية لمحاربة الفساد والتهرب الضريبي ومراجعة مجلة الصرف ومجلة الاستثمار كما شددوا على ضرورة العمل على تسهيل الاجرائات للاستقطاب المستثمرين.
وخلص النقاش اثر الردود من قبل الخبراء على تساؤلات النواب الى أهمية توحيد النصوص القانونية المتعلقة بالمنظومة الجبائية من خلال سن مجلة عامة للاداءات دون الدخول في تفاصيل الاجراءات الجبائية المعقّدة الى جانب أهمية سن إجراءات في ميزانية الدولة وقانون المالية مع مراعاة الانعكاسات الاجتماعية والاتجاه بسياسة الدولة المتجهة للتعويل على الذات مع الابتعاد عن الحلول الظرفية
وتولّت نائبة رئيس مجلس نواب الشعب في ختام اليوم البرلماني تكريم الأستاذة المحاضرين.