مجلس نواب الشعب ينظم يوما دراسيا برلمانيا حول"واقع الرياضة في تونس وسبل النهوض بها"

نظّمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب بمبادرة من لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة اليوم الإثنين 19 فيفري 2024 يوما دراسيا برلمانيا حول "واقع الرياضة في تونس وسبل النهوض بها"، أشرف عليه السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وحضره السيد الأنور المرزوقي نائب رئيس المجلس، والسيد فخر الدين فضلون رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، والسيد المنصف الشريف المكلّف بتسيير الإدارة العامة للرياضة، وعدد من إطارات وزارة الشباب والرياضة، ومن الضيوف من قطاعي الرياضة والمحاماة.
وبيّن رئيس مجلس نواب الشعب في بداية الأشغال أن هذا اليوم الدراسي يندرج في سياق انفتاح المجلس على المجتمع وحرصه على أن يكون له اتصال وثيق بطموحاته وبمختلف مجالات اهتمامه. وأكّد في نفس السياق أن الرياضة أصبحت محل اهتمام كل فئات الشعب دون استثناء، مبيّنا أن المزاج الشعبي أصبح في عديد المناسبات يتأثّر بالنتائج الرياضية، لاسيما خلال التظاهرات الدولية الكبرى التي يتفاعل معها كل مواطن تونسي وينتظر تحقيق نتائج مشرّفة.
كما أكّد التفاعل الشعبي الكبير مع وضعية الرياضة في تونس، مبرزا ما يحتاجه هذا القطاع الحيوي من عناية ومن تطوير بالنظر الى أهميته في خلق مجتمع متوازن. وشدّد في هذا الصدد على المسؤوليات الكبرى للوزارة في تأطير الرياضة والنهوض بها، مشيرا الى ضرورة أن تكون كل مكوّنات المجتمع فاعلة ومساهمة في تحقيق هذه الأهداف، ومؤكدا ضرورة أن تحظى الرياضات الفردية بنفس الاهتمام من طرف الجميع.
وتطرّق رئيس مجلس نواب الشعب من ناحية أخرى الى الصّعوبات المالية التي أصبحت تمر بها بعض الجمعيات الرياضية، وتقف عائقا أمام النجاح وتحقيق النتائج المأمولة، مبرزا ضرورة تعميق النظر في هذا الموضوع الهام.
وبيّن في ختام كلمته أن تنظيم هذا اليوم الدراسي ببادرة من الأكاديمية البرلمانية يندرج في سياق تعميق النظر في الواقع الرياضي والإطّلاع على مختلف الصعوبات المطروحة وكيفية تطوير آليات العمل بما يمكّن من الاستعداد الأمثل للنظر في ما يعرض من تشريعات في هذا المجال، والإسهام في إيجاد الحلول المناسبة لمزيد تطوير القطاع الرياضي والنهوض به.
من جهته أكّد السيد فخر الدين فضلون، رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد الحلول الملائمة للنهوض بهذا القطاع الحيوي وطنيا ودوليا. وبيّن في ذات السياق أن تهميش قطاع الرياضة يعود للسياسات القديمة، معتبرا أن النتائج الأخيرة المخيّبة للآمال للمنتخب الوطني خلال كأس افريقيا هي خير دليل على ذلك. ودعا الى وضع رؤية استشرافية متكاملة والى إيجاد الآليات الضرورية لا سيما لمعالجة أزمة المنشئات الرياضية. كما ذكّر بمشروع قانون مكافحة المنشطات الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب مؤخرا، معتبرا أنه سيساهم في مكافحة هذه الظاهرة في المجال الرياضي باعتبارها من الأولويات.
وقدّم السيد المنصف الشريف المكلّف بتسيير الإدارة العامة للرياضة في وزارة الشباب والرياضة مداخلة ثمّن فيها اهتمام مجلس نواب الشعب بالمجال الرياضي واشكالياته، معتبرا هذا اللقاء فرصة للتفاعل وتبادل وجهات النظر بين النواب والإطارات والخبراء.
واستعرض مجموعة من المعطيات حول برنامج الرياضة لسنة 2024 وأولويات القطاع التي تشمل الرياضة المدنية ورياضة المواطنة ورياضة النخبة ودعم الديبلوماسية الرياضية. وأضاف أن الأهداف الاستراتيجية للرياضة تكمن في نشر وتطوير الممارسة الرياضية في مختلف الجهات ودعم إشعاع رياضيي النخبة.
كما قدّم احصائيات وأرقاما حول الهياكل الرياضية تشمل الجامعات التي بلغ عددها 50 والجمعيات الرياضية التي بلغ عددها 1972، إضافة الى معطيات شملت ميزانية الإدارة العامة للرياضة. وأوضح أن نشر وتطوير الممارسة الرياضية في مختلف الجهات سيتم عبر التركيز على نشر قاعدة المجازين، معتبرا ان تحقيق ذلك يبقى رهين إعادة تفعيل منظومة استكشاف المواهب وإحداث لجان جهوية تضم خبراء وفنيّين في المجال الرياضي، فضلا عن إعادة هيكلة الجامعة التونسية للرياضة المدرسية والجامعية و نشر إختصاصات جديدة في الوسط المدرسي وتكثيف التظاهرات الرياضية الجهوية والإقليمية.
وأكّد من جهة أخرى أن تنمية موارد الهياكل الرياضية ستكون عبر تنظيم قطاع الرهان الرياضي وإصدار قانون لتنظيم مسالك ألعاب الحظ و المال، فضلا عن إصدار قانون الهياكل الرياضية. وأضاف انه تمّ إحداث هيئة رقابية للحوكمة وأخلاقيات الرياضة مع تخصيص رقم أخضر للتبليغ عن الفساد في المجال الرياضي. واعتبر أن مكافحة العنف داخل الفضاءات الرياضية والتلاعب بالنتائج الرياضية سيكون من الاجراءات الاستعجالية للوزارة.
وتطرّق المكلّف بتسيير الإدارة العامة للرياضة الى النهوض بالمنشئات الرياضية، مبيّنا أنه سيكون من الأولويات وذلك بتفعيل دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعم التكوين المستمر و الرسكلة في المجال الرياضي. كما أشار الى رياضة المواطنة والنهوض بالرياضة والصحة ورياضة القرب، مؤكّدا بالخصوص انه سيتم دعم البرامج المتعلقة بالممارسة الرياضية صلب المؤسسات الاقتصادية ومزيد إحداث مسالك صحية.
وأوضح بخصوص الافاق المستقبلية أن أولويات الإدارة العامه للرياضة تكمن في العمل على إطلاق استشارة وطنية تحت عنوان "رياضة واقع وأفاق" لتشخيص واقع الرياضة حسب الاختصاصات الرياضية على المستوى الوطني والجهوي والمحلّي، إضافة الى رسم استراتيجية جديدة لقطاع الرياضة تعتمد على الإمكانيات المتوفّرة حسب الاختصاصات الرياضية وحسب البنية التحتية الحالية في مختلف الجهات، فضلا عن العناية برياضيي النخبة عبر دعم الاختصاصات الرياضية القادرة على تحقيق النتائج المتميزة على المستوى العالمي والقاري.
وقد تدخّل عدد من الضيوف خلال هذا اليوم الدراسي، مثمّنين اهتمام مجلس نواب الشعب بالشأن الرياضي ولا سيما عبر الاستماع الى القدماء في هذا المجال. وتمّ التطرّق بالخصوص الى أهمية تشريك قدماء الرياضيين والاستنارة بآرائهم في إيجاد الحلول لعديد الإشكاليات، بالنظر الى قربهم من الجماهير الرياضية ومساهمتهم في عديد المناسبات في الإحاطة والتقليص من العنف في الملاعب.
وفي تشخيصهم للصّعوبات والإشكاليات التي يعترضها القطاع الرياضي في تونس، تطرّقوا بالخصوص الى الجوانب المالية وتدهور البنية التحتية فضلا عن مشاكل التأطير والتكوين. ودعوا الى مزيد تطوير التشريعات لاسيما المتعلقة بالهياكل الرياضية والاهتمام بالرياضيين الهواة.
وتمّ التأكيد من جهة أخرى على أهمية الاستثمار في المجال الرياضي والعمل على مواكبة التطوّرات العالمية في هذا المجال، مع الدعوة الى الاستعانة بالكفاءات في المجال الرياضي وتغيير قوانين الانتخاب وقوانين الهياكل، وجعل التدريب مهنة مع تسقيف أجور المدربين.
وتطرّق النواب في تدخّلاتهم الى عدد هام من المشاكل في القطاع الرياضي لا سيما الفساد المستشري والناتج بالخصوص عن سوء التصرّف والتلاعب بالنتائج. واعتبروا أن تسييس هذا المجال و سوء الحوكمة في السنوات الأخيرة ساهمت بشكل كبير في استشراء الفساد الرياضي والتلاعب بهذا القطاع الحيوي.
وأكد المتدخّلون من جهة أخرى ضرورة القيام بالتشخيص الجيّد لمشاكل هذا القطاع، ولا سيما لعدد هام من الجمعيات الرياضية التي ساهمت في التلاعب بالموارد المالية للدولة.
وأجمع النواب على ضرورة الاهتمام بالرياضة المدرسية ولا سيما عبر تكثيف المجهودات لمراجعة الزمن المدرسي مع توفير الإمكانيات والفضاءات المخصّصة لممارسة الرياضة لا سيما في المناطق الداخلية باعتبار أن الرياضة تساهم في التوازن النفسي للفرد وفي تقدّم الشعوب.
و عبّر النواب عن استعدادهم للتفاعل وتنقيح النصوص التشريعية اللازمة للنهوض بالقطاع الرياضي و لا سيما القانون المتعلق بتنظيم وتطوير التربية البدنية والانشطة الرياضية وقوانين الهياكل الرياضية. ودعوا الضيوف من قدماء الجمعيات الرياضية والخبراء في هذا المجال الى تقديم مقترحاتهم بهدف التفاعل معها في مستوى اللجنة المعنية وإيجاد الحلول الملائمة لاسترداد مكانة الرياضة في تونس والنهوض بهذا القطاع الحيوي. واقترحوا بالمناسبة برمجة أيّام دراسية لمختلف أصناف الرياضات بهدف مزيد تعميق النظر واستشراف المستقبل بالتعاون مع مختلف الهياكل الراجعة بالنظر لوزارة الشباب والرياضة.
هذا وأجمع المشاركون في هذا اليوم الدراسي على أهمية مزيد تكثيف العمل المشترك من أجل مزيد تطوير التشريعات ذات العلاقة بالقطاع الرياضي، مبرزين الحرص على دعم العلاقة بين الوزارة المعنية والهياكل الرياضية للتعمّق في مختلف المسائل المطروحة. كما أكّدوا أهمية الجانب الاجتماعي في المجال الرياضي، مشدّدين على وعي الجميع بمختلف الجزئيات والتفاصيل المتّصلة بالمجال الرياضي وما تتطلّبه من عمل مشترك ورؤية استشرافية تقوم على التشخيص المتواصل والعمل الجماعي من أجل الارتقاء بالرياضة التونسية وإعلاء الراية الوطنية في مختلف المحافل الرياضية الإقليمية والدولية

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى