رئيس مجلس نواب الشعب يوضّح مسالة أولوية النظر في المبادرات التشريعية

في علاقة بمسألة أولوية النظر في المبادرات التشريعية المعروضة من قبل رئيس الجمهورية والمقدّمة من قبل النواب، بيّن السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم الأربعاء 31 جويلية 2024 ان المسألة ينظمها دستور وإجراءات قانونية.
وبين أن الفصل 87 من الدستور ينص على أن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" وأضاف ان رئيس الجمهورية هو رئيس الوظيفة التنفيذية وتساعده حكومة، وأن كل القوانين التي تأتي من الوظيفة التنفيذية تحمل بصمة رئيس الجمهورية وصادرة عنه وليس عن الحكومة او وزارة معينة.
و أضاف ان الفصل 68 ينص بخصوص مسألة عرض مشاريع القوانين ومقترحات القوانين على أنه " لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين وللنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط ان تكون مقدمة من عشرة نواب على الأقل، ويختص رئيس الجمهورية بتقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية ، ولمشاريع رئيس الجمهورية أولوية النظر"
وأكّد في هذا الاطار ان رجال القانون ،و خص بالذكر الأستاذ عبد الفتاح عمر رحمه الله ، يرون بخصوص مسالة المبادرة والاولوية ان مبادرة رئيس الجمهورية تتمتع بأولوية النظر بالنسبة الى مبادرة النواب ، كما اقرت المادة 28 من دستور 1959 ،الذي اعتمد النظام الرئاسي، أولوية النظر في المبادرات التشريعية التي يتقدّم بها رئيس الجمهورية.
وتوضيحا للمقصود بأولوية النظر قال رئيس مجلس نواب الشعب انه يمكن ابداء الملاحظات التالية:
1- لقد ميّز الدستور بصفة واضحة بين مسألتين مختلفتين وهي حق المبادرة التي هي مسالة اصلية ،ومسالة أولوية النظر وهي مسالة إجرائية ،حيث اقر الدستور لرئيس الجمهورية وللنواب على حد السواء حق عرض مشاريع القوانين. غير ان ممارسة هذا الحق تقتضي بأن تعطى أولوية النظر لمشاريع رئيس الجمهورية، وهذا يعني ان أولوية النظر لا تخل البتة بمبدإ المساواة بين رئيس الجمهورية والنواب في ما يتعلق بحق المبادرة.
2- النظر في مشروع قانون يقتضي الدرس و التحليل والتدقيق والإثراء عند الاقتضاء والمناقشة واتخاذ موقف في شأنه .
3- متى يبدأ النظر في مشروع القانون ومتى يتنهي ؟ : لا تطرح مسألة النظر الا بعد تلقي رئيس مجلس النواب مشاريع القوانين الواردة من رئيس الجمهورية او المقترحة من طرفه وبعد تسجيله لها بدفتر الضبط، فالنظر قبل ذلك غير وارد ، والنظر يبدأ ضرورة إثر ذلك أي اثر تقديم المشروع وتسجيله بدفتر الضبط، وتنظم ذلك المادة التاسعة من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب التي تلزم رئيس مجلس النواب بإحالة المشاريع على اللجان ذات النظر بعد أن يكون قد تلقاها وسهر على تسجيلها بدفتر الضبط ، والنظر كما حدّد آنفا لا ينحصر على مستوى اللجان بل يتواصل الى مستوى الجلسات العامة للمجلس ، وهو لا ينتهي الا بعد اتخاذ المجلس لقراره.
4- تتمتع مشاريع رئيس الجمهورية بأولوية النظر طيلة مدة النظر ، أي انطلاقا من الإحالة على اللجنة او اللجان المختصة وصولا الى التصويت في الجلسة العامة.
وأضاف رئيس مجلس نواب الشعب ان مكتب المجلس اتخذ هذا القرار ، وهو سليم من حيث المبدإ والناحية القانونية وله ما يؤيده فقها ، مضيفا ان الفصل جاء بصفة مطلقة ولذلك فلا مجال للحديث عن خلاف.
كما ثمن مبادرة السادة النواب نافيا ان تكون الوظيفة التشريعية في خصومة مع الوظيفة التنفيذية بل تعمل الوظيفتان للصالح العام ولا يمكن ان تقوم الدولة الا بتناغم الوظائف الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وأكّد في الختام ان هذا الجدل القانوني واضح ومحسوم فيه، معربا عن تقديره واعترافة بالمجهود الذي قدّمه النواب أصحاب المبادرة واللجنة التي قامت بالاستماع الى العديد من الأطراف، وهو في النهاية تحضير لدراسة المشروع المقدّم من رئاسة الجمهورية، مشددا على ان المجلس ليس في صراع مع الحكومة او الوظيفة التنفيذية بل يخدم مصلحة البلاد وفق فلسفة الدستور واحكامه ،مع التاكيد ان التكييف القانوني السليم الذي ارتآه مكتب المجلس هو انه مبادرة رئيس الجمهورية تبقى ذات أولوية نظر حتى مع التئام الجلسة العامة.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى