عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة جلسة يوم الخميس 07 مارس 2024 استمعت خلالها إلى عميد الهيئة الوطنية للمحامين والى ممثلين عن كل من وزارة العدل والمحكمة الإدارية بخصوص مقترح القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية.
وفي تدخله عبر السيد عميد الهيئة الوطنية للمحامين عن شكره لإتاحة الفرصة للهيئة لتقديم ملاحظاتها بخصوص مقترح قانون على غاية من الأهمية. كما أشاد في ذات السياق بمجهود اللجنة ملاحظا تطور صيغة المقترح الحالي سواء من حيث الشكل والصياغة أو من حيث المضمون وخاصة فيما يتعلق بتعريف المفاهيم بما لا يترك مجالا لعديد الثغرات واختلاف التأويلات. كما استحسن تقنين إجراءات التسوية الرضائية والتخلّي عن بعث صندوق خاص بدفع التعويضات باعتبار أن ذلك كان من أبرز النقاط الخلافية التي حالت دون تمرير المبادرات السابقة. كما بيّن أن إقرار مبدأ التعويض الكامل عن الاضرار اللاحقة بالمنتفعين بالخدمات الصحية سواء كانت بسبب أخطاء أو حوادث طبية في القطاعين العام والخاص يعتبر بمثابة ثورة في التشريع التونسي.
وتقدّم وفد الهيئة الوطنية للمحامين بعدة مقترحات تعديل لتجويد النص ومنها بالخصوص حذف الفصل الذي ينص على ضرورة إكساء كتب الصلح بالصبغة التنفيذية لغياب الفائدة من هذا الإجراء، وتعديل الفصول المتعلقة بالمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة حتى تكون إجراءات التتبع المنصوص عليها في هذا القانون متناسقة مع فصول مجلة الإجراءات الجزائية.
كما تم التأكيد على ضرورة التنصيص بوضوح على إلزامية التأمين على المسؤولية الطبية بما يوجب العقاب في صورة عدم الامتثال.
وبخصوص التساؤل المتعلق بإمكانية تضمين المقترح مقتضيات خاصة بزجر الاعتداءات على مهنيي الصحة، تم التأكيد على وجود نصوص ردعية تنظم المسألة بما لا يتناقض مع مبدأ المساواة أمام القوانين ويعزز علاقة الثقة الواجب توفرها بين المريض والطبيب.
وتساءل النواب عن مجالات تطبيق احكام القانون على الإداريين والتقنيين ومهندسي الصحة مع إمكانية ان تشمل أطرافا أخرى غير مهنيي الصحة الذين هم في علاقة مباشرة بالمريض.
وفي الحصة المسائية استمعت اللجنة إلى ممثل المحكمة الإدارية الذي تطرق في بداية مداخلته إلى أهمية ما جاء بهذا المقترح من أحكام لفائدة مهنيي الصحة والمنتفعين بالخدمات الصحية، مؤكدا ضرورة إدخال بعض التحويرات على الصياغة الأصلية للمقترح.
من جهة أخرى اقترح توضيح عبارات الفصل 15 والفصل 27 في اتجاه التفرقة بين التتبعات التأديبية التي تمارسها الهيئات والتتبعات القضائية التي قد تنجر عنها الدعاوى الخاصة بالتعويض، بالإضافة الى ضرورة أخذ رأي الهيئة المكلفة بحماية المعطيات الشخصية بخصوص الفصل 21، مع تغيير عبارات الفصول المتعلقة بمحضر الصلح في اتجاه إقرار عدم قابليته لأي وجه من أوجه الطعن بعد إكسائه الصبغة التنفيذية من طرف القضاء.
ومن جهة أخرى، وحفاظا على حياد واستقلالية اللجنة الجهوية للتسوية الرضائية والتعويض خاصة أمام تنوع تركيبتها، اقترح ممثل المحكمة الإدارية ضبط مهامها وتركيبتها وطرق سيرها بمقتضى أمر عوضا عن قرار.
إثر ذلك واصلت اللجنة عملها بالاستماع إلى ممثل وزارة العدل الذي ثمن مقتضيات وأحكام هذا المقترح باعتباره متناغما مع المقاربة الحقوقية العالمية من خلال تكريس المعادلة بين ضمان حقوق الانسان وتناسق التشريعات الوطنية في نفس الوقت، مبيّنا أن المقترح يتماهى مع مقتضيات الدستور فيما يتعلق بضمان الحق في الصحة.
وتقدّم بجملة من المقترحات تعلقت خاصة بتعميم عبارات الفصل 34 لتصبح المسؤولية شاملة لكل من القطاعين العام والخاص على حد السواء.
وفيما يتعلّق بأنواع الأضرار التي سيقع التعويض عنها، تمّ اقتراح إضافة مطة جديدة للفقرة الأولى من الفصل 34 تخص الأضرار الاقتصادية وهي عادة الأضرار التي تنجر عن الوفاة ، مع ضرورة تحديد المقاييس التي سيقع اعتمادها. أما عن بقية أنواع الأضرار فقد استحسن ممثلو الوزارة التفرقة بين الضرر المادي والضرر المعنوي وهي مسألة كانت محل اجتهادات قضائية مختلفة باعتبار اختلاف كل منهما عن الآخر، وطالب الضيوف في هذه المسألة أعضاء اللجنة بتوضيح المقاييس المعتمدة في احتساب قيمة التعويضات.
أما فيما يتعلق بالمسؤولية الجزائية المترتبة عن الأخطاء الطبية، وإجابة عن الأسئلة التي تم توجيهها من طرف النواب الحاضرين، فقد أوضح أن فكرة "الإهمال الجسيم " كأساس لقيام المسؤولية الجزائية يتجه التخلّي عنها باعتبار أن المادة الجزائية لا يمكن فيها اعتماد التأويلات الموسّعة وأنّ هذه العبارة غير واضحة وقد تحيلنا إلى أخطاء هي أقرب للأخطاء القصدية، وطالما كان هذا المفهوم غامضا فإنه قد يثير العديد من الإشكاليات التأويلية أمام القضاء.
و من جهة أخرى دعا الى الاستفادة من الأحكام الخاصة بالصلح بالوساطة في المادة الجزائية لإدماج أحكام الصلح الناجم عن الخطأ الطبي في هذا المجال.
وحول التساؤل المتعلق بإضافة فصل يتعلق بتجنب الإيقاف التحفظي لمهنيي الصحة قبل ثبوت الخطا القصدي من طرفه والذي لا يمكن اثباته الا بعد صدور الاختبار الطبي ، فقد تم اقتراح التنصيص على أنه لا يمكن إيقاف مهنيي الصحة إلا في صورة وجود قرائن جدّية ومتظافرة تخوّل لوكيل الجمهورية توجيه الاتهام لمهني الصحة مع إعلام الوكيل العام الذي يأذن بفتح بحث تحقيقي في الغرض.