عقدت لجنة الصّناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة جلسة كامل يوم الخميس 18 جويلية 2024 أجرت خلالها ثلاثة استماعات إلى ممثلين عن جهة المبادرة حول مقترح قانون يتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة (عدد 54 / 2024)، وممثلين عن المصنّعين الوطنيين للأكياس المصنّعة من البوليبروبيلان، وممثلين عن جهة المبادرة حول مقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرّخ في 11 ماي 2015 والمتعلّق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة (عدد 59 / 2024).
وخلال التداول حول مقترح القانون المتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة، لاحظ أصحاب المبادرة التشريعية أنّ مقترح القانون جاء في ظلّ وضع بيئي متدهور يتطلّب التدخّل السريع. كما يهدف إلى سدّ ثغرة تشريعية تمكّن الجهات المعنية من التدخّل عند الاقتضاء لردع المعتدين على البيئة والمحيط. وبيّنوا أن الغاية من ورائه هي تجميع النصوص القانونية في شكل مجلّة لحماية البيئة، مع ضرورة تفعيل عديد القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدّولية التي صادقت عليها تونس، وذلك من أجل مقاومة الأخطار التي تهدّد المائدة المائية وتلوث التربة والاعتداء على المساحات الخضراء والمنتزهات والأراضي الفلاحية، إلى جانب مراقبة السلامة الجينية للمنتوجات الفلاحية ومياه الشرب من تداعيات النفايات المصنفة خطرة.
كما دعت جهة المبادرة إلى تشريك المواطنين في حملات النظافة والتشجير ونشر الوعي البيئي بين الناشئة من خلال إدماجه في البرامج التعليمية ونوادي البيئة، إضافة إلى ضرورة تحميل المسؤولية للشركات الصّناعية والمعامل والمصانع في مقاومة التلوّث الهوائي والغازات والمواد الكيمياوية والآثار الجانبية للملاحات وانعكاساتها على الثروة الحيوانية والغطاء النباتي والتنوع البيئي.
وثمّن أعضاء اللجنة مقترح هذا القانون الذي يعدّ من المبادرات التشريعية التي تخدم الشأن العام الوطني وتسهم في الارتقاء بعيش المواطنين وضمان جودة الحياة، وفي مقاومة الجرائم البيئية وردع المعتدين على الملك العمومي. ولاحظوا في نفس الوقت كثرة التشريعات والقوانين والاتفاقيات التي تعنى بالبيئة أمام غياب الرّدع وتداخل المهامّ في ظلّ غياب التنسيق. ودعا عدد من أعضاء اللجنة إلى ضرورة تعميق النظر في مقترح القانون بالاستعانة بالخبراء والمختصين والاطلاع على القوانين المقارنة.
وقد عبّر أصحاب المبادرة عن استعدادهم للاستفادة من المقترحات والملاحظات التي ستقدّمها اللجنة بغاية تحسين وتجويد صياغة نص مقترح القانون واثرائه.
واستمعت اللجنة خلال جلستها بعد الظهر إلى ممثلين عن المصنّعين الوطنيين للأكياس المصنّعة من البوليبروبيلان، الذين أشاروا الى عديد الصّعوبات والعراقيل، مبرزين الأضرار التي لحقت مؤسّساتهم جرّاء الاستيراد العشوائي المكثف للأكياس، ممّا انعكس بالسّلب على المردودية الاقتصادية والتشغيلية في ظل غياب الرقابة على الجودة والتسهيلات الدّيوانية وعدم التكافؤ في المنافسة بين الشركات من حيث العفو الجبائي وطريقة العمل. وأوضحوا أنّ الموادّ الأولية يقع توريدها في شكل حبيبات ويتمّ تحويلها إلى خيوط تصنّع من خلالها الأكياس متعدّدة الاستعمالات، ويقع تسويق نسبة منها في تونس وتصدّر الكميات المتبقية إلى عديد البلدان العربية والإفريقية والأوروبية نظرا لما تتميز به من جودة وفوارق في الأسعار.
ودعا عدد من النواب إلى التصدّي للاستعمال المكثف للأكياس البلاستيكية التي تضر بالبيئة وتساهم في تلوّث المشهد البصري بانتشارها في الطرقات والمساحات الخضراء واستبدالها بهذا النوع من الأكياس في قضاء الشؤون اليومية للمواطنين مع مراعاة المقدرة الشرائية وذلك بتخفيض الأسعار. كما أكدوا اهمية تشجيع المصانع التونسية سواء كانت خاصة او عمومية للإقبال على استخدامها دعما لهذه المؤسسات الصناعية الوطنية وإنقاذها من خطر المنافسة غير المتكافئة، إلى جانب ما توفره هذه الأكياس من مزايا حمائية للبيئة.
واستمعت اللجنة خلال جلستها المسائية، إلى جهة المبادرة حول مقترح قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 12 لسنة 2015 المؤرّخ في 11 ماي 2015 والمتعلّق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة. وبيّن ممثلوها أنها جاءت نتاجا لما دار في اللجنة من استماعات وما تداولت حوله بمناسبة دراستها لمشاريع ومقترحات قوانين بشأن مجال الطاقات المتجدّدة.
وأكّدوا أن غايتهم المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني والحدّ من العجز الطاقي. كما أشاروا الى أن وزارة الصّناعة والمناجم والطاقة لم تتقدّم في تنفيذ برنامج الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجدّدة بسبب تعثر نظام اللزمات لتعقد الإجراءات الإدارية والتشريعية وكذلك الشأن بالنسبة إلى نظام التراخيص نظرا لصعوبة الحصول على التمويل البنكي.
واعتبروا أن الهدف من المبادرة التشريعية هو تصحيح المسار الطاقي من خلال المشاركة القبْلية في المسائل التنظيمية والبرمجة والتخطيط بين مختلف الأطراف المتداخلة لتجنب التعطيلات وتجاوز الصّعوبات. وأكّدوا أنها تعكس إرادة النواب في الإسهام في تطوير المشاريع الاستراتيجية الوطنية الكبرى المتعلقة بإنتاج الطاقة لما لها من مردودية اقتصادية وتنموية. ودعوا إلى ضرورة وضع سقف للشركات الأجنبية المنتصبة في تونس فيما يتعلق بتشغيل اليد العاملة الوطنية وتنشيط الحياة الاقتصادية والالتزام بالمسؤولية المجتمعية مقابل ما تتمتع به من حماية وضمانات.
وفي إطار تجاوبهم مع هذه المبادرة التشريعية، لاحظ عدد من أعضاء اللجنة غياب التشاركية في رسم البرامج المدرجة ضمن الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة، وهو أحد أسباب تعثّرها، إلى جانب التعطيلات الإدارية والقانونية. وبيّنوا أنه من شأن هذه المبادرة أن تحل عديد الإشكالات وتوفّر الأرضية القانونية التي تحقّق نقلة نوعية في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة.
وقد قرّرت اللجنة في نهاية أشغالها مواصلة النّظر في مختلف المبادرات التشريعية المعروضة على أنظارها، مع إجراء سلسلة من الاستماعات في شأنها لجميع الأطراف المتداخلة من الوزارات والقطاعات والخبراء والمختصين