كلمة السيد ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب بمناسبة الجلسة العامة الممتازة المشتركة لأداء اليمين الدستورية لرئيس الجمهورية المنتخب

بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

سيادة رئيس الجمهورية 

يشرفّني ويسعدني باسم كافة أعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن أرحّب بكم في هذا الموكب المتميّز الذي يلتئم وفق تقاليد نظامنا الجمهوري، وطبق أحكام الفصل الثاني والتسعين من دستور تونس الجديد، وبعد الإعلان النهائي عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع شهر أكتوبر الجاري، وأفضت الى فوزكم فيها منذ دورها الأوّل.



كما يشرفني أيضا أن أتوجّه بالتحيّة إلى السيد رئيس الحكومة والسيدات والسادة أعضاء الحكومة، والسّادة أصحاب الفضيلة والقداسة والنيافة، ضيوفنا الكرام ممّن شرفنا بالحضور.

واسمحوا لي في بداية هذه الجلسة الممتازة أن أتقدّم إليكم باسمي الخاص وباسم زملائي أعضاء مجلس نواب الشعب والسيد رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وكافة أعضائه، بأصدق عبارات التهاني على نيلكم مجدّدا ثقة شعب تونس الأبي الذي انتخبكم لعهدة ثانية، مترجما بذلك تمسّكه بخيار الاستقرار، وعزمه الراسخ على مواصلة السير في طريق البناء والإصلاح وفق التوجهات التي استجابت لنداءات الشعب وطموحاته.

ولا يسعني بهذه المناسبة إلا أن أعبّر عن الشرف الأثيل الذي ينال الوظيفة التشريعية بغرفتيها للالتقاء بكم في رحاب مجلس نواب الشعب.

سيادة رئيس الجمهورية 

إنّ هذه اللحظات الفارقة التي نعيشها اليوم، هي أكبر مترجم لسلامة الخيارات المتّبعة وصوابها. وهي كذلك خير تتويج لمحطّات ناصعة مرّت بها بلادنا منذ إعلانكم القطع مع تردّي الأوضاع السياسية وعزمكم السير بكل ثبات وحكمة وتبصّر على درب استعادة هيبة الدولة وسيادتها. فانتهجتم مسارا تصحيحيا طبعته مراحل وعناوين بارزة وفق خارطة طريق مثّل فيها الاستفتاء على الدستور، والانتخابات البرلمانية عنوانا مشعّا لإيمانكم العميق بأنّ الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة. وتوّج بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي مرّ، والحمد لله، بسلام وحققّ المأمول ليجمعنا اليوم في هذا الموكب البهيج.

ولقد وجد هذا التمشّي صداه في ما تمّ التوصّل إليه عبر صناديق الاقتراع من خلال تجديد الثقة في شخصكم والتعبير الشعبي عن تأييد المناهج المتّبعة. وبرهن الشعب بذلك عن اصطفافه وراء خياراتكم وتوجّهاتكم، وعن وعيه بضرورة منحكم الثقة مجدّدا لمواصلة ما شرعتم فيه بثبات من أجل محاربة مظاهر الحيف والفساد والتصدّي لكل ما يعرقل تقدّم البلاد ولكل من يكيد لها ويعبث بقوت مواطنيها. فكان التصويت في الانتخابات لصالحكم رسالة طمأنة للجميع وعنوان انطلاقة نحو مزيد البذل، وتعزيزا  للمنجز لمواجهة التحدّيات وتحقيق طموحات التونسيين وترسيخ حقّهم في التوق نحو الأفضل والرقي والازدهار.

سيادة رئيس الجمهورية 

تدخل تونس اليوم مرحلة جديدة من مسيرة البناء والتشييد وفق أسس ومبادئ دستور 25 جويلية 2022. مرحلة تقتضي مزيدا من تضافر الجهود والشعور بالمسؤولية المشتركة والاستجابة لنداء الواجب بهدف تحقيق ما نصبو إليه جميعا.  


ولن يكون هذا المطمح بالأمر الهيّن على الوظيفة التشريعية التي برهنت منذ الوهلة الأولى عن إيمان عميق بحجم المسؤولية الملقاة على عاتق مجلس نواب الشعب لمواجهة التحديات والاستجابة للتطلّعات، في جوّ من الانسجام والوفاق والاستعداد للقطع التام مع ما عرفته الفترات الماضية من سلبيات.  ومن هذا المنطلق مثّل العمل على إرجاع الثقة في المؤسسة البرلمانية وزرع الطمأنينة في النفوس أوكد الأهداف التي سعينا الى تحقيقها. وحرصنا كذلك على إحياء ثقافة العمل لبناء حاضر شعبنا واستشراف مستقبل الأجيال القادمة والاسهام في إيجاد أرضية النّماء الاجتماعي والاقتصادي المنشود. 

ولقد أظهر هذا المجلس النيابي جاهزيته لدعم خطوات إعادة البناء واستكمال مسار تونس الجديدة، وبلوغ النجاح الذي يظلّ مطمحا للجميع يستوجب وضع اليد في اليد لخدمة الوطن وجعل مصلحته العليا فوق كلّ اعتبار.

 ولا أدلّ عن ذلك من المسؤولية التاريخية التي تحمّلها نواب الشعب عبر ما بادروا به لإنقاذ المسار الانتخابي الرئاسي ولتفادي مخاطر وانزلاقات كان يمكن أن تعرقله عبر استهداف مؤسّسات الدولة ومحاولات إرباكها.


وسيبقى مجلس نواب الشعب دون ريب على أتمّ الاستعداد للقيام بالواجب، وعلى العهد لمؤازرة المجهودات الوطنية لاستكمال الإصلاحات واستشراف المستقبل على أساس التعاون المثمر مع الوظيفة التنفيذية ومعاضدتها وممارسة دوره التشريعي والرقابي في تماه مع طبيعة المرحلة ومع انتظارات الشعب. كما سيواصل مجلس نواب الشعب إسهامه في رفع التحديات من خلال تقديم المبادرات وطرح الرؤى والتصوّرات والمقترحات المرتبطة بمختلف أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولا يفوتني التأكيد بهذه المناسبة على أن اكتمال الوظيفة التشريعية بانطلاق عمل الغرفة الثانية المجلس الوطني للجهات والأقاليم يمثّل بدوره خطوة إيجابية على درب تنزيل مبادئ وأسس الدستور الجديد.

 وسيكون النظر في الميزانية من قبل المجلسين لأول مرة، إطارا لتجسيم مبادئ الدستور وقيم العمل المشترك وتنسيق الجهود في كنف التعاون والتكامل مع الوظيفة التنفيذية، وخدمة المصلحة العامة، بما يمكّن من استرداد ثقة الشعب في العمل البرلماني، ويبرهن على قدرة الوظيفة التشريعية على أداء الواجب المحمول عليها.

سيادة رئيس الجمهورية 

إن المراحل التي قطعناها اليوم على درب بناء تونس الجديدة تبعث على الارتياح والتفاؤل، ولكنّها تدعو في نفس الوقت إلى مزيد اليقظة وتغذية روح البذل والعمل لدى الجميع، مع الحث على الحفاظ على روح التوافق والانسجام، فضلا عن زرع ثقافة الأمل والايمان العميق بمستقبل زاهر لتونس.

ولن يكون ذلك بالأمر العسير على كل نواب الشعب الذين سيتصدّرون طليعة القوى العاملة على تحقيق هذه المبادئ السامية.

وفي الختام أسال الله تعالى أن يمدّ سيادتكم بعونه وتوفيقه، وأن يكتب لشعبنا في ضوء قيادتكم السديدة مزيدا من النجاح والتألق.

والآن، يشرفني أن أدعو سيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيّد للتفضّل بأداء اليمين الدستورية عملا بأحكام الفصل 92 من الدستور.



الملفات المرفقة :

مقالات أخرى