ملخّص فعاليات الجلسة العامة ليوم الأربعاء 26 مارس 2025

عقد مجلس نواب الشعب اليوم الأربعاء 26 مارس 2025 جلسة عامة برئاسة السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب وبحضور السيد سمير عبيد وزير التجارة وتنمية الصادرات والوفد المرافق له. وتضمّن جدول الاعمال في نقطة أولى توجيه 04 أسئلة شفاهيّة إلى وزير التجارة وتنمية الصادرات عملا بأحكام الفصل 114 من الدستور والفصل 130 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وفي نقطة ثانية تقديم عرض للوزارة حول المحاور التالية:

1️⃣ - الملامح الرئيسية لخطة الوزارة وبرامجها لمجابهة ظاهرة العجز التجاري على مستوى المبادلات الخارجية وحماية المنتوج المحلي ومزيد التحفيز على التصدير وإيجاد السبل الكفيلة بتنويع الأسواق الخارجية.

2️⃣ - برامج الوزارة المتعلّقة بمجابهة الإشكاليات المطروحة في علاقة بالتجارة الموازية وبحماية المستهلك وبالمراقبة الاقتصادية الناجزة والفعّالة وبمزيد تنظيم وحوكمة مسالك التوزيع.

وفي بداية الجلسة توجّه النائب غسان يامون بسؤال شفاهي الى وزير التجارة وتنمية الصادرات حول جدوى اعتماد الرقابة القبلية عند التوريد ودفع فارق الدعم من المؤسسات الصناعية والوحدات السياحية والترفيع في حصة جربة من المواد الأساسية المدعمة وزيادة حصة المخابز.

وأوضح الوزير في إجابته أنّ بعض الجهات سعت خلال فصل الصيف إلى خلق اضطرابات في السوق في جزيرة جربة من خلال ممارسات إحتكارية، خصوصاً في المواد الأساسية والسلع المرتبطة مباشرة بقفة المواطن. وأكد أن الوزارة، ووفقاً لتوجيهات رئيس الجمهورية، تعمل باستمرار على التصدي لهذه الممارسات التي تهدد استقرار السوق وتضر بالقدرة الشرائية للمواطنين.

وأشار الوزير إلى أنّ عدد المخابز الناشطة بجزيرة جربة يبلغ حوالي 40 مخبزة، وهي قادرة على تلبية حاجيات المواطنين، والوزارة تقوم بضخ كميات إضافية من المواد الأساسية استعداداً لكل موسم صيف وتتدخّل كلما استدعى الظرف ذلك بالتنسيق بين المصالح المركزية والجهوية لضمان انتظام التزويد وتفادي أي نقص محتمل.

كما أكد الوزير أن التنسيق قائم مع وزارة السياحة لتأمين الحاجيات الخاصة بالموسم السياحي في جربة، بما يضمن استقرار السوق وتوفير المواد الأساسية للمتساكنين والزوّار على حدّ السواء. وأوضح الوزير أن الهدف الأساسي من الرقابة القبلية على الواردات هو حماية المنتوج الوطني وضمان جودة السلع الموردة بالإضافة إلى التحكم في توريد المواد التي لا تندرج ضمن الدورة الإنتاجية بما يمكّن المؤسسات الصغرى والمتوسطة من المنافسة ودفع عجلة الاقتصاد الوطني.

وبيّن أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الوزارات المعنية ضمن لجنة تشرف عليها وزارة المالية حيث يتم تكثيف الحملات الرقابية والتصدي لممارسات التهريب وكل أشكال الخروج عن القانون التي تمسّ بالاقتصاد الوطني، وأوضح أن دعم مادة السكر موجّه بالأساس إلى الكميات المخصّصة للاستهلاك العائلي وليس للاستعمال الصناعي، وذلك حفاظاً على منظومة الدعم وضمان توجيهها إلى مستحقّيها الفعليين.

ومن جهته، شدّد النائب في تعقيبه على ضرورة الموازنة بين المراقبة القبلية وترشيد التوريد العشوائي بما يضمن حماية المنتوج التونسي. كما اعتبر أن الترفيع في الآداءات الجمركية قد يكون بديلاً عملياً يُمكّن من الاستغناء عن آلية المراقبة القبلية التي تساهم أحياناً في تكريس البيروقراطية وتعطيل الإجراءات الاقتصادية، مؤكداً في ذات السياق أن الإبقاء على هذه الآلية بشكلها الحالي قد يفتح المجال أمام التهريب والتجارة الموازية.

ثم توجّهت النائب بسمة الهمامي بسؤال حول حقيقة عدد المخابز في ولاية سليانة.

وأوضح الوزير في إجابته أن المعاينة الميدانية تُعدّ من الآليات الأساسية التي تعتمدها الوزارة للاطلاع عن كثب على مختلف الأوضاع والخصوصيات التي تميّز كل جهة، وأكّد حرص الوزارة على ضمان إيصال المواد الأساسية خاصة إلى المناطق الريفية. كما شدّد على استعداد المصالح الوزارية لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتلافي النقائص المسجلة ومعالجتها في الإبان.

وفيما يتعلق بولاية سليانة، أشار الوزير إلى وجود 8 مخابز تنشط حالياً، من بينها مخبزة واحدة محلّ نزاع قضائي، وقد تمّ توزيع حصّتها من مادة الفرينة على بقية المخابز لضمان تواصل تزويد المواطنين بهذه المادة الأساسية.

وفي تعقيبها، شدّدت النائب بسمة الهمامي على ضرورة قيام مصالح الوزارة بإعلام الراغبين في الاستثمار بخريطة دقيقة للاحتياجات حسب المناطق، بما يضمن توزيع الفرص بشكل عادل ومتوازن. وأكدت أن التشغيل حق مكفول لكل مواطن، مذكّرة بأن الإدارات وُجدت لخدمة الصالح العام بعيداً عن كل أشكال المحاباة أو تكريس الاحتكار.

ثمّ توجّه النائب نجيب العكرمي، نيابة عن النائب النوري الجريدي، بسؤال إلى وزير التجارة حول مواضيع تتعلق بالواردات والصادرات وتعديل الأسواق والرقابة.

وفي إجابته، أوضح الوزير أن التوازن بين العرض والطلب شهد تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لم تُسجل أيّة اضطرابات أو نقص في المواد الأساسية. وأكد أنه تم عقد مجلس وزاري في جانفي خصّص للتنسيق والتداول في الإجراءات الضرورية استعدادًا لشهر رمضان، وأفاد انه تم الانتقال من مرحلة النقص إلى مرحلة بناء مخزون استراتيجي مع ضمان حسن التصرف والتخزين.

وأكد الوزير سعي الوزارة إلى تعزيز مكانة تونس بالأسواق الخارجية ودعم المنتوج التونسي من خلال مرافقة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والحرفيين خلال المشاركة في التظاهرات الدولية، إلى جانب العمل على رقمنة القطاع وتوسيع قاعدة العرض وتنويع المنتجات المصدّرة.

وأبرز أن الوزارة تواصل جهودها من خلال برنامج "صباحيات التصدير" لتوفير الاستشارة على مستوى مختلف الأقاليم، إضافة إلى الدور الذي يضطلع به المجلس الأعلى للتصدير في ضبط الاستراتيجية الوطنية للتصدير والمجلس الوطني للتجارة الخارجية الذي يتولى تيسير الإجراءات المرتبطة بالصادرات وتطوير آليات المراقبة الفنية.

ودعا النائب في تعقيبه إلى ضرورة تكثيف حملات المراقبة على مسالك التوزيع للحدّ من التجاوزات وضمان وصول المواد للمستهلك. كما شدّد على أهمية التنسيق مع مختلف الوزارات والهياكل المعنية للترويج للمنتوج التونسي في الأسواق الخارجية، مع التأكيد على ضرورة تحسين الجودة حتى يكون المنتوج قادراً على المنافسة دوليًا.

وأكد النائب على أهمية البحث عن أسواق جديدة لا سيما في القارة الآسيوية بالإضافة إلى تفعيل الاتفاقيات الإطارية مع دول الجوار بما يعزز الحضور التونسي إقليمياً ودولياً.

أما على المستوى الجهوي، فقد دعا إلى إعطاء الأولوية للشباب المعطّل عن العمل عند إسناد رخص المخابز بما يساهم في خلق فرص التشغيل ودفع التنمية المحلية.

وفي الختام، توجّه النائب عبد الستار الزارعي بسؤال حول ظاهرة التجارة الموازية وبعث المناطق التجارية الحرة في الجهات الحدودية ومواضيع ذات صلة بالاقتصاد.

وأوضح الوزير في تفاعله المجهودات المتواصلة التي تبذلها الوزارة من أجل وضع مقاربة شاملة وناجعة للتصدي لظاهرة التجارة الموازية والحدّ من آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني. وأبرز أهمية العمل على تعزيز التواصل مع الشباب وتحسيسهم بمخاطر الاقتصاد غير المنظم، باعتبارهم قوة فاعلة في دعم مسار التنمية الجهوية.

وأشار إلى أن منطقة بن قردان تمثّل إحدى الركائز الأساسية في هذا التمشي، حيث تعمل الوزارة على تفعيل إدماجها ضمن مشروع التنمية حتى تكون منطقة جاذبة للاستثمار وقادرة على خلق الثروة وفرص التشغيل. كما أفاد بأنه يجري حاليا الإعداد لمخطط مديري مشترك مع كل من الجزائر وليبيا، يهدف إلى تنمية المناطق الحدودية وتحويلها إلى فضاءات مشرقة توفّر مقومات العيش الكريم وفرص التشغيل، خاصة لفائدة الشباب.

وخلال تعقيبه، شدّد النائب على أن الأولويات الوطنية تتمثل في ضمان الأمن الغذائي وترسيخ السلم الاجتماعي. كما دعا الدولة إلى اتخاذ إجراءات حازمة وجدية للتصدّي لظاهرة التهريب التي باتت تمثّل تهديداً مباشراً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مؤكداً على ضرورة معالجة هذا الملف بصرامة في إطار مقاربة شاملة تحفظ التوازنات وتدعم الاقتصاد الوطني.

وفي النقطة الثانية من جدول الأعمال، قدّم وزير التجارة وتنمية الصادرات عرضاً تناول فيه استراتيجية الوزارة في إدارة ملف الواردات، مؤكداً على أهمية ترشيدها خاصة فيما يتعلق بالمواد غير الأساسية. وأوضح ان الوزارة تعمل على الانفتاح على أسواق جديدة خصوصاً الأوروبية والآسيوية الصاعدة وذلك دعما للتوازنات التجارية والمنتوج الوطني والحدّ من استنزاف الموارد المالية للدولة عبر الاستيراد العشوائي.

وأكد الوزير أن المراقبة القبلية تمثل آلية ضرورية لحماية المنتوج التونسي، إلى جانب مراجعة الاتفاقيات التي أظهرت تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني. وفي هذا الإطار، تمّ فرض معاليم جمركية إضافية على بعض السلع التركية بهدف تمكين المنتوج التونسي من فرص أفضل في السوق المحلية، مع العمل على تفعيل آلية الدفاع التجاري من خلال إحداث هيئة مختصة تتولى التحقيقات اللازمة كلما ثبت وجود مخاطر تهدّد النسيج الصناعي الوطني.

وفيما يتعلّق بالتزويد، شدّد الوزير على أن الوزارة تواصل جهودها لضمان انتظامية التزويد واستقرار العرض في مختلف المواد الاستهلاكية، من خلال التنسيق اليومي مع مختلف الأطراف المعنية، خاصة فيما يتعلق بالمنتوجات التي تشهد ضغطاً. وأشار إلى أنّ المخزون الاحتياطي الذي تمّ تكوينه أصبح اليوم عاملاً أساسياً في دعم استقرار السوق.

وأكّد عمل الوزارة على تحفيز منظومات الإنتاج من جهة وتعزيز مفهوم الأمن الغذائي من جهة اخرى، مع إعطاء الأولوية للمنتوج الوطني في تلبية حاجيات السوق ومواصلة محاربة الاحتكار وحوكمة مسالك التوزيع. كما تمّت رقمنة منظومة التوزيع، خاصة فيما يتعلق بالمواد الأساسية من خلال اعتماد تطبيقات ذكية تُمكّن من التدخل السريع والفعّال عند الحاجة.

وفي سياق متّصل، أشار الوزير إلى أنّ الوزارة بصدد مراجعة القانون المتعلّق بالمنافسة بهدف إحداث تحوّل هيكلي وتنظيمي يُمكّن من التحكم في السوق وحماية المستهلك وتعزيز قدرته الشرائية. كما تمّ الشروع في إنجاز دراسات وأبحاث قطاعية معمقة على مستوى عدد من القطاعات الحيوية والمرتبطة مباشرة بقفة المواطن.

وأكد الوزير أن العمل الرقابي يُمارس على المستويين المركزي والجهوي، في إطار استراتيجية شاملة تعتمد على عدة محاور أساسية، من أبرزها تكثيف التدخلات الرقابية على مستوى مسالك التوزيع بالتنسيق مع المصالح الأمنية.

وأضاف أن الوزارة تعمل على تغطية كامل تراب الجمهورية من خلال تعزيز حضور فرق المراقبة في مختلف الجهات، مشيراً إلى أن عملية إعادة هيكلة مصالح المراقبة الاقتصادية جارية حالياً، وسيتم دعم هذه المصالح بالوسائل اللوجستية والموارد البشرية اللازمة، بما يُمكّنها من الرفع من نجاعة تدخلاتها وتحسين أدائها في مقاومة كل الممارسات المخلة بالسوق.

وفي ختام الجلسة ثمّن رئيس المجلس السيد إبراهيم بودربالة العرض المفصّل والبيانات القيّمة التي قدّمها وزير التجارة وتنمية الصادرات، والتي عكست حجم المهام والصلاحيات الموكولة لهذه الوزارة باعتبارها إحدى أبرز الوزارات ذات الصلة المباشرة بالحياة اليومية للمواطن وبمقومات عيشه الكريم.

وقد أشار رئيس المجلس، من خلال كلمته، إلى الدور المحوري الذي تضطلع به هذه الوزارة في تجسيد السياسات الاجتماعية للدولة، خاصة في المرحلة الراهنة التي تميزت بإيلاء رئيس الجمهورية اهتماما متواصلا بمسائل المحافظة على المقدرة الشرائية والتصدي لمختلف أشكال الاحتكار والمضاربة.

وفي هذا السياق، ذكّر رئيس المجلس بأهمية المرسوم عدد 14 لسنة 2022 المتعلّق بتجريم الاحتكار والمضاربة غير المشروعة، والذي يُعد مكسباً تشريعياً هاماً في هذا المسار، مع التأكيد على أن نجاح هذا التمشي يتطلب مزيد تعزيز الإجراءات العملية والتدخلات الميدانية لمعالجة الإخلالات في مسالك التوزيع ومكافحة التلاعب بالمواد المدعّمة والحدّ من ظاهرة التبذير الغذائي.

كما شدّد رئيس المجلس على أهمية المضي قُدماً في ترسيخ مبدأ التعويل على الذات وتعزيز مقوّمات الدولة الاجتماعية والعادلة، ضمن رؤية وطنية إصلاحية تتكامل فيها جهود مختلف مؤسسات الدولة. ولا يتحقق ذلك إلا عبر حشد الطاقات وتكثيف التشاور حول السبل الكفيلة بحماية المكاسب الاجتماعية، خاصة من خلال إحكام التصرف في منظومة الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه، ومزيد التنسيق بين الهياكل المعنية لمواجهة التجارة الموازية والتهريب والتصدي للتجاوزات التي تضرّ بالتوازنات المالية للدولة.

وفي هذا الإطار، جدّد رئيس المجلس التزام مجلس نواب الشعب بإعطاء الأولوية لكل القطاعات المرتبطة بقوت المواطن وحقه في العيش الكريم، مؤكداً استعداد الوظيفة التشريعية التام، ضمن صلاحياتها الدستورية، لمواكبة كافة الإصلاحات الرامية إلى ترسيخ المنافسة كآلية لتعديل السوق، ودعم الإطار القانوني والمؤسساتي بما يساهم في تعزيز قدرات البلاد التصديرية وتحسين شروط النفاذ إلى الأسواق، والتصدي بكل حزم لكل مظاهر الاحتكار والغش والمضاربة، تحقيقاً لتطلعات الشعب نحو غدٍ أفضل.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى