عقد مجلس نواب الشعب اليوم الثلاثاء 29 أفريل 2025 جلسة عامة برئاسة السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب وبحضور السيد مصطفى الفرجاني وزير الصحة والوفد المرافق له.
وتضمّن جدول الاعمال النظر في مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس (عدد 04/2025).
ويهدف مشروع القانون الأساسي المعروض إلى الموافقة على فتح مكتب تنسيقي للمجلس العربي للاختصاصات الصحية بتونس، بما يعزز دور الجمهورية التونسية في دعم أنشطة المجلس وتوسيع نطاق عمله في بلدان شمال إفريقيا، خاصة دول المغرب العربي. كما يهدف إلى دعم التنسيق في مجال التدريب والامتحانات الخاصة بالاختصاصات الصحية، ونقل التجربة التونسية في الانخراط في برامج المجلس، إضافة إلى توفير إطار مؤسساتي لتيسير الأعمال الأكاديمية والمهنية للمجلس عبر دعم مراكز التدريب وتسهيل تبادل المعلومات وتوفير الدعم اللوجستي بما يعزز مكانة تونس كمركز إقليمي في هذا المجال.
وفي افتتاح الجلسة، ذكّر رئيس مجلس نواب الشعب بخصال الفقيد الأستاذ فؤاد المبزع، الذي وافتــه المنيّة الأسبوع المنقضي، مستعرضًا مسيرته السياسية الزاخرة بالعطاء وخدمته المتواصلة للوطن. وبيّن أنّ الأستاذ فؤاد المبزّع تولّى رئاسة مجلس النواب بين سنتي 1997 و2011، وتقلّد عددا من المسؤوليات السامية في الدولة، من بينها الرئاسة المؤقتة للجمهورية سنة 2011، فضلاً عن إشرافه على وزارات عدّة من أبرزها الخارجية، والشباب، والرياضة، والصحة. واستحضر ما ميّز مسيرة الفقيد من التزام وطني ونكران للذات، خاصة خلال الفترات الدقيقة التي عاشتها البلاد، مع التنويه بدوره في ضمان استمرارية الدولة. وعبّر رئيس المجلس عن عميق تأثّره بهذا المصاب الجلل، وجدّد التعزية والمواساة إلى عائلة الفقيد وكل من عرفه واشتغل معه طيلة مسيرته الوطنية.
ثمّ تولّت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة ولجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة عرض تقريرهما المشترك حول مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس عدد 04 لسنة 2025 قبل أن يفسح المجال للنقاش العام حيث تمحورت تدخلات النوّاب حول المواضيع التالية:
- الإشادة بدور وزارة الصحة في مسار الإصلاح وتطوير المنظومة الصحية العمومية.
- الدعوة إلى دعم التجهيزات الضرورية لتحسين جودة الخدمات الصحية.
- تأكيد ضرورة توفير الأدوية خاصة لعلاج الأمراض النادرة والمكلفة.
- المطالبة بوضع خطة وطنية للحدّ من هجرة الإطارات الطبية وشبه الطبية.
- الدعوة إلى توسيع آفاق التكوين عبر فتح شعب جديدة في اختصاص التمريض.
- المطالبة بمراجعة التعيينات في القطاع الصحي وتحديد المسؤوليات لتحسين أداء المنظومة الصحية.
- وضع استراتيجية وطنية لمعالجة ظاهرة الإدمان على المواد المخدّرة.
- الدعوة إلى دعم الصحة النفسية وتوفير آليات العلاج.
- طرح مشاغل ومطالب ذات طابع محلّي وجهوي تتعلق بالبنية التحتية والخدمات.
ثم تولّى وزير الصحة تقديم الإيضاحات اللازمة حول مداخلات النواب، وأكّد أن الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية تعملان بتكامل وانسجام لخدمة الصالح العام. واعتبر أن قطاع الصحة سيظلّ ركنا أساسيا من أركان السيادة الوطنية، وأنّ خيار التعويل على الذات يشمل الأمن القومي الصحي والدوائي. كما شدّد على أنّ الاستراتيجية التي يقودها رئيس الجمهورية تهدف إلى إعادة بناء المنظومة الصحية برمّتها، بما يعيد ثقة المواطن في المرفق العمومي، مع الالتزام بتحقيق العدالة الصحية ومواجهة التحديات والصعوبات الهيكلية المتراكمة. وأكّد في هذا الإطار أنّ إعادة هيكلة المنظومة الصحية ستكون على أسس الإنصاف والجودة، مع إيلاء اهتمام خاص بالمناطق الداخلية التي تفتقر إلى أبسط مقوّمات التنمية الصحية.
ونوّه وزير الصحة بأهمية المشروع المتعلّق باتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس ، باعتباره مؤسسة علمية وبحثية مرموقة في المجال الطبي. وأكّد أنّ هذه الخطوة تمثّل فرصة استراتيجية لتدعيم الحضور الإقليمي لتونس في هذا المجال الحيوي، وبيّن أنّ المجلس العربي للاختصاصات الصحية هو هيكل ذو طبيعة علمية بالأساس تابع لمجلس وزراء الصحة العرب في إطار جامعة الدول العربية.
وأوضح الوزير أن دور المكتب التنسيقي لتونس يتمثل في تقريب وجهات النظر بين المنظومة الأكاديمية المعتمدة بتونس في تكوين الاختصاصات الصحية والمنظومة المهنية المعتمدة من قبل المجلس العربي للاختصاصات الصحية بما يعزز مساهمة الجمهورية التونسية في تحقيق الرؤية الإقليمية للمجلس خاصة في ظلّ توجّه الدولة نحو التدريس بثلاث لغات: العربية، الفرنسية، والإنقليزية.
وبيّن الوزير أن عدد الطلبة الأجانب الدارسين في المجالات الطبية وشبه الطبية بتونس يناهز500 طالب، وهم يُعدّون سفراء تونس في بلدانهم، معتبراً أن فتح هذا المكتب سيبسط الإجراءات الإدارية ويسمح لهم بالحصول على شهادات اختصاص معترف بها عربياً، مما يُعزّز مكانة تونس كوجهة للسياحة الطبية وتصدير الخدمات الصحية. كما أشار إلى أن المكتب، الذي يضمّ ستة أعضاء ويرأسه وزير الصحة التونسي بصفته، سيُتيح فرصة لتقريب الرؤى بين منظومات التعليم العالي واحتياجات سوق الشغل. وأبرز في السياق ذاته وجود آليات تحفيزية للحدّ من هجرة الأطباء، حيث تفيد الإحصائيات أن 75% من الكفاءات الطبية الشابة تفضّل البقاء في تونس إذا توفرت الظروف الملائمة. واعتبر الوزير أن النجاحات الطبية المحقّقة لا تعود فقط للكفاءات البشرية، بل تتطلب أيضاً توفير تجهيزات ومعدّات تقنية متطورة. وفي إطار دعم المنظومة الصحية، أعلن عن مشروع لإحداث مستشفى مختصّ في طب الأطفال بمنطقة "صنهاجة "من ولاية "منوبة " لتعزيز رعاية الطفولة الصحية. واكّد أن الصحة لا تقتصر على توفير الأدوية والعلاج، بل تتطلب أيضاً تكويناً مستمراً للمهنيين.
واعتبر وزير الصحة أنّ تناظر الشهادات العلمية للأطباء والإطارات شبه الطبية في إطار المجلس العربي للاختصاصات الصحية من شأنه أن يسهّل تنقّل الكفاءات الطبية التونسية خارج أرض الوطن ويعزّز الاعتراف بشهاداتهم على المستوى العربي والدولي، مما يفتح آفاقاً أوسع أمامهم.
وفي إطار سعي الوزارة إلى تحسين نجاعة الخدمات، أشار الوزير إلى أنّ من بين أولويات العمل تعميم الرقمنة على كافة المستشفيات، لما لذلك من أثر مباشر على تسريع استقبال المرضى وتحسين جودة الخدمات المسداة. كما اكد مراهنة الوزارة على اعتماد التكنولوجيا الحديثة والعمل بالشراكة مع الكفاءات التونسية المقيمة بالخارج، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يتم توظيفه بشكل طوعي ومجاني في قراءة صور الأشعة والتصوير بالرنين المغناطيسي، مما يساهم في تطوير الطب الرقمي.
واعتبر الوزير أنّ ملامح ممارسة مهنة الطب ستشهد تحوّلا جذريا خلال السنوات القادمة بفعل الثورة التكنولوجية المتسارعة، مشيداً في هذا الصدد بمبادرات الأطباء التونسيين في المهجر ودورهم في دعم التقدّم نحو الطب الافتراضي.
وفي تفاعله مع دعوات النواب لزيارة الجهات، أكّد الوزير أنه يحرص على أخذ جميع الولايات بعين الاعتبار عند وضع برامج الزيارات، مشيراً إلى أن هذه الزيارات يجب أن تكون موجّهة نحو الإنجاز والتطوير. كما نوّه بالكفاءات التونسية في المجال الطبي، معلناً أن تونس ستنظم قريباً أكبر مؤتمر للصيادلة في إفريقيا، تأكيداً على ريادتها في عدة مجالات طبية متقدمة.
ثم صادقت الجلسة العامة على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية والمجلس العربي للاختصاصات الصحية بشأن فتح مكتب تنسيقي بتونس (عدد 04/2025)، برمّته 126 نعم 03 احتفاظ ودون رفض.
وفي ختام الجلسة العامة ألقى السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب كلمة أبرز من خلالها المكانة الريادية التي تحتلها بلادنا في المجال الصحي، باعتباره أحد الأسس التي قامت عليها الدولة الوطنية، ومجالًا يحظى باهتمام متواصل من مختلف هياكل الدولة.
واستعرض في كلمته ما تحقق في هذا القطاع من مكاسب تشريعية هامّة، على غرار القانون المتعلق بالمسؤولية الطبية، مؤكّدًا ما يمثّله من خطوة نحو اعتماد مؤسّسات التكوين الطبي بتونس ضمن المجلس العربي للاختصاصات الطبية. كما شدّد على أهمية تعزيز تبادل الخبرات والتجارب بين الدول العربية في المجال الصحي، لما لذلك من أثر في تطوير البحوث والخدمات الصحية، وفتح آفاق جديدة للتعاون والشراكة الإقليمية والدولية، بما يخدم مصلحة البلاد ويسهم في إشعاعها وتقدّمها.
.🟢الجلسة العامة في أرقام :
▪️انطلاق الجلسة: الساعة 10 و07 دقيقة.
▪️رفع الجلسة: الساعة 19 و47 دقيقة
▪️مدة الجلسة: 09ساعات و07 دقائق.
▪️الحضور بداية الجلسة: 110.
▪️مدّة كلمة رئيس المجلس: 05 دقائق
▪️مدّة عرض التقرير المشترك: 23 دقيقة
▪️مدة النقاش العام: 5 ساعات و51 دقيقة
▪️عدد المداخلات: 77
مدة المداخلات حسب الكتل:
غير المنتمين إلى كتل: 47 دقيقة
الأمانة والعمل: 42 دقيقة.
الأحرار: 42 دقيقة.
صوت الجمهورية: 41 دقيقة.
الوطنية المستقلة:36 دقيقة.
لينتصر الشعب: 29 دقيقة.
الخط الوطني السيادي:25 دقيقة.
. مدة إجابة الوزير: 43 دقيقة.