مجلس نواب الشعب ينظّم يوما دراسيا برلمانيا حول "الاستشارة الوطنية لإصلاح نظام التربية والتعليم"

نظمت الاكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب صباح اليوم الاربعاء 15 نوفمبر 2023 يوما دراسيا برلمانيا حول الاستشارة الوطنية لإصلاح نظام التربية والتعليم افتتحه رئيس مجلس نواب الشعب واشرف عليه رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، وحضره عدد من ممثلي كل من وزارات التعليم العالي والبحث العلمي، والتشغيل والتكوين المهني، والأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، وعدد من النواب.
وخلال افتتاحه اليوم الدراسي شدّد السيد ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب على أهمية الاستشارة الوطنية ودور ها في ضبط تصوّر مكتمل ورسم رؤية اصلاحية لمختلف اشكاليات قطاع التربية والتعليم.
واعتبرا ان الاستشارة الوطنية تشكّل منطلقا للرؤية الاستشرافية والاستراتيجية لإصلاح هذا القطاع، مؤكدا أهمية توحيد الجهود وتشريك كافة الاطراف المعنية لتحقيق النجاعة المطلوبة وضمان مخرجات أكثر واقعية.
وذكّر رئيس مجلس نواب الشعب بالقيمة الاعتبارية للتعليم والتكوين في السابق، معتبرا أنه كان مفخرة لتونس مثمّنا دور المدرسة العمومية,ودعا في هذا السياق الى ضرورة مراجعة شاملة لكافة المنظومة التعليمية.
كما دعا الى ضرورة الانطلاق من تشخيص معمّق وجيد لكافة الاشكاليات والهنات التي تشوب القطاع والتي أدّت الى خروج الأدمغة من تونس وإقبال الشباب على قوارب الموت.
من جهته قدّم السيد فخر الدين فضلون رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة، تصوره العام بخصوص الاستشارة، مؤكدا اهميتها ودورها في رسم استراتيجية اصلاحية شاملة للمنظومة التربوية برمتها. وأبرز في ذات السياق اهتمام مجلس نواب الشعب و انخراطه في مسار الاصلاح ولا سيما من خلال برمجة هذا اليوم الدراسي، معتبرا ان السبيل الوحيد الكفيل بتحديد مصير جيد لمستقبل التعليم هو انخراط جميع الاطراف وتوحيد الجهود من أجل الخروج بمشروع اصلاحي واقعي.
كما أشار رئيس اللجنة الى اهمية الوقوف على بعض الظواهر الاجتماعية التي تهدد الناشئة لا سيما منها الانقطاع المبكر عن التعليم، و ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي، وتورط بعض الشباب في بؤر التوتر، وارجع بروز هذه الظواهر للسياسة التهميشية للمنظومة التعليمية ولغياب الرؤية الاصلاحية.
وافتتحت مداخلات الضيوف من ممثلي الوزارات بمداخلة السيد الجيلاني اللملومي المدير العام للتعليم العالي و ممثل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الذي قدّم عرضا عن محتوى الاستشارة الهادفة أساسا الى رسم سياسات عمومية مندمجة والى تجاوز الفجوات المرصودة، وبناء مشروع مجتمعي يكون فيه الفرد محور الإصلاحات المنتظرة وفاعلا أساسيا ضمنها.
واستعرض منهجية اعداد هذه الاستشارة والإطراف المتدخلة من خبراء وممثلين عن مختلف الوزارات المعنية ، مشيرا الى المحاورالكبرى التي تضمنتها لا سيما منها التربية في مرحلة الطفولة المبكرة ، والاحاطة والاسرة، و برامج التدريس ونظام التقويم والزمن المدرسي، وجودة التدريس والتكنولوجيا الرقمية، وتكافؤ الفرص والتعلم عن بعد ، إضافة الى التنسيق بين أنظمة التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والتكامل بينها.
من جهته قدّم السيد أمجد محمود مدير عام تنمية التكوين المهني وممثل وزارة التشغيل والتكوين المهني، عرضا عن مهام الجهاز الوطني للتكوين المهني و أبرز مكوناته الى جانب عروض التكوين المتوفرة خلال السنة الحالية. وأكد دور التكوين المهني في المنظومة الإصلاحية، معتبرا أن هذا القطاع يساهم بشكل كبير في تحويل المغادرين لمقاعد الدراسة الى خبرات فاعلة في سوق الشغل بالرغم من محدودية الامكانيات. واستعرض في نفس السياق مشاكل القطاع وما يعانيه من هنات لا سيما محدودية مراكز التكوين في الجهات الداخلية.
واقترح فتح مجال التكوين المهني أمام الشباب للمرور الى التعليم العالي وعدم اقتصار التكوين على المنقطعين عن الدراسة، وذلك بهدف توفير فرص للإدماج في الاسواق الوطنية والعالمية.
وبيّن أنه تم اعتماد تدرّج وخيط ناظم عند صياغة نص الاستشارة، بترتيب الأسئلة وفق الاركان الاساسية للإصلاح، ملاحظا وجوب تدوين مخرجات الاستشارة بشكل علمي مع رسم استراتيجية واقعية لتطبيقها.
من جهتها، قدمت السيدة عليسة خواجة كاهية مدير المؤسسات التربوية ما قبل التمدرس، وممثلة وزارة المرأة عرضا عن محور الاستشارة الوطنية المتعلق بالتربية في مرحلة الطفولة المبكرة والإحاطة بالأسرة.
وافادت في هذا السياق, أن الست سنوات الأولى من حياة الطفل هي مرحلة مفصلية وحاسمة في بناء شخصيته، مشيرة الى التأثيرات القوية لطبيعة الرعاية التي يتلقاها في هذه المرحلة لذلك وجب ايلاؤها الأهمية المطلوبة من رياض الاطفال الى المدرسة.
كما قدّمت برامج الوزارة لتطوير واقع مؤسسات التربية قبل المدرسية، معتبرة ان مسار الاصلاح مسؤولية مشتركة تساهم فيه مختلف الاطراف المعنية من العائلة الى المدرسة.
وابرز ممثل وزارة التربية السيد هشام الشابي المجهودات التي بذلتها الوزارة لمزيد الترويج للاستشارة، داعيا الى التفاعل معها بشكل منظوماتي وليس بشكل قطاعي. وأوضح أهمية التركيز على اعداد دراسات تخص اشكاليات قطاع التحضيري مشيرا الى التوجهات الجديدة في الاصلاح التربوي.
من جانبه أشار ممثل وزارة الشباب و الرياضة الى اشكاليات عدم التنسيق بين الوزرات وعدم تشريك وزارة الشباب في البرامج الإصلاحية، معتبرا أن عزوف الشباب عن الشأن العام ساهم في عدم التفاعل مع الاستشارة. ودعا الى ان ترتكز مقاربة الإصلاح على الشأن التربوي بدل الاقتصار على التحصيل العلمي.
وفي تفاعلهم مع ما تم تقديمه بخصوص مرتكزات الاستشارة، اعتبر النواب ان العزوف عن المشاركة فيها والتساؤل عن مدى جدواها هو مشروع ومفهوم، باعتبار عدم تشريكها لجميع الاطراف المعنية لا سيما من المختصين والباحثين في هذا الشأن والنواب باعتبارهم ممثلي الشعب ضمانا لأكثر انفتاحا.
كما تطرقوا الى بعض الهنات على المستوى التقني منها صعوبة الولوج الى المنصة، داعين الى أهمية تبسيط الإجراءات، وملاحظين ان النفاذ للاستشارة غير متاح للجميع بحكم ما يتطلبه من وسائل تقنية.
واعتبروا في سياق اخر أن محتوى الاستشارة تغافل عن محاور رئيسية على غرار العنف المدرسي فضلا عن غياب التطرق الى الجانب السلوكي والتركيز على الجانب المعرفي. ودعوا الى اهمية تركيز خلايا الاصغاء في المدارس وتحسين وضعية البنية التحتية والى مزيد العناية بوضعية المربي لضمان مقاربة اصلاحية شاملة.
واختتم نائب رئيس المجلس السيد أنور مرزوقي اليوم الدراسي، بتأكيد أهمية تشريك جميع الاطراف في المسار الإصلاحي، مبينا أن التعليم هو اساس العمران والرقي وان الاستشارة جاءت متأخرة رغم أهميتها. وشدّد على اهمية انجاح الاستشارة و تشريك الاكاديميين والخبراء المعنيين بالمجال، معتبرا أن الدول والشعوب تقاس بتجاربها التعليمية والتكوينية.

الملفات المرفقة :

مقالات أخرى