عقدت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية جلسة يوم الأربعاء 31 جانفي 2024 خصّصتها للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية حول مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط.
كما تطرقوا إلى حجم المسؤوليات التي ستضطلع بها البلديات بمقتضى أحكام هذا المشروع، مشيرين إلى النقص الذي يشكوه عدد كبير منها في الإمكانيات المالية وفي التجهيزات والوسائل وخاصة الحديثة منها للقيام بمختلف العمليات المنصوص عليها بنص المشروع، على غرار الترميم الثقيل والإخلاء والإيواء وخاصة عملية الهدم التي تتطلب آليات ذات تقنيات متطورة ودقيقة. وأكدوا في هذا الإطار ضرورة إضافة فصول تتعلق بجانب التمويل مقترحين إمكانية بعث صندوق لتوفير الموارد المالية الإضافية اللازمة للبلديات حتى تتمكن من التوفّق في القيام بدورها الموكول لها بمقتضى هذا التشريع الجديد.
كما شددوا على ضرورة توفّر الاحصائيات المحينة الدقيقة بخصوص عدد البنايات المتداعية للسقوط، العمومية منها والخاصة، في كل ولايات الجمهورية، مطالبين بالتنصيص ضمن نص مشروع القانون على ضرورة اعتماد الرقمنة في هذا المجال ووضع قاعدة بيانات خاصة بهذه الاحصائيات بما يمكّن من تحيينها بصفة دورية.
من جهة أخرى، أكد ممثلو وزارة الداخلية على أن تكون مختلف العمليات المتعلقة بالبنايات المتداعية للسقوط من معاينات وتبليغ وإخلاء وهدم وايواء وتعويض ، في إطار عمل مشترك بين جميع الأطراف المتداخلة على غرار وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الثقافية لاشرافها على حماية التراث وغيرها، عوض أن يكون ذلك على عاتق البلديات بنسبة كبيرة.
من جانبهم، بيّن ممثلو وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية الارتباط الوثيق بين مشمولات الوزارة وأحكام مشروع هذا القانون باعتبار أنّ العديد من البنايات المتداعية للسقوط راجعة بالنظر إلى الدولة.
وأكدوا ضرورة إرفاق مشروع هذا القانون بجملة من الإجراءات خاصة على المستوى المالي باعتبار وأنّ البلديات غير قادرة بمواردها الحالية على تنفيد مجموعة الالتزامات المحمولة عليها بمقتضى مشروع هذا القانون، مضيفين أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الجانب الاجتماعي من خلال التنصيص على كيفية التعامل مع الفئات الاجتماعية الهشة الشاغلة لهذه المباني في ظل غياب رصيد عقاري للإيواء.
واعتبروا أنّ بعض الآجال المنصوص عليها بهذا المشروع لا تتلاءم مع الصبغة الاستعجالية للتصرف في هذه المباني المهددة بالانهيار والتي تمثل خطرا على سلامة الشاغلين والمارة والأجوار.
وفي مداخلاتهم، أكد ممثلو وزارة الشؤون الاجتماعية أهمية مشروع هذا القانون الذي يستوجب التعجيل في سنه نظرا لتردي المشهد العام جرّاء تكاثر مثل هذه المباني التي أضرّت بجمالية العديد من المدن وخاصة منها المدن الكبرى ذات الأهمية على المستوى السياحي، هذا إلى جانب ما تمثله هذه البنايات على وضعها الحالي من خطورة كبيرة على حياة المواطنين بدرجة أولى.
وفي هذا السياق، شدّد ممثلو وزارة الشؤون الاجتماعية على ضرورة توفير الآليات والضمانات الكافية ضمن هذا النص من خلال التدقيق في مجمل الإجراءات المنصوص عليها، على غرار تحديد كيفية ترحيل العائلات وإيوائها إلى جانب ضرورة تحديد مسؤوليات كافة الأطراف المتدخلة بدقة وتحديد الانعكاس المالي وآليات توفير مصادر التمويل.
وخلال النقاش، تطرق النواب إلى أهمية تحيين عدد البنايات المتداعية للسقوط واستفسروا عن الجهة الرسمية المكلفة برصد هذه البنايات ومدى توفر شروط الكفاءة اللازمة فيها، مؤكدين ضرورة أن تكون عملية تحيين المعطيات الإحصائية بصفة دائمة ومسترسلة نظرا لما تشكله مثل هذه البنايات من خطر محدق على سلامة الجميع، من شاغلين وأجوار ومارة، ونظرا كذلك لما يمكن أن تتسبب فيه من تكاليف إضافية على حساب المال العام مع مرور الزمن إن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بالسرعة المستوجبة.
واقترح بعض النواب أن يكون التعامل مع البنايات المتداعية للسقوط من مشمولات اللجنة الوطنية لمجابهة الكوارث في إطار هيكل منظم ودائم تُوكل إليه أساسا آلية التدخل السريع وتنفيذ الهدم وهذا من شأنه اعادة هيبة الدولة بفرض احترام القانون والحد من التجاوزات المرصودة في البناءات الفوضوية والعشوائية.
كما تساءل بعض النواب عن حدود تحمّل وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية المسؤولية إزاء البناءات المتداعية للسقوط التي تعود ملكيتها للدولة وعن استراتيجية الوزارة لإيجاد رصيد عقاري وطني للإيواء واقترحوا في هذا السياق اعتماد منظومة الإيواء الجماعي مثلما هو معمول به في عديد الدول.
كما أكدوا أهمية إحداث صندوق جديد لتوفير موارد مالية إضافية للبلديات تخصص لمعاضدتها في التصرف في هذه البنايات خاصة في الولايات الكبرى التي لها رصيد هام من البنايات المتداعية للسقوط.
وفي تفاعلهم مع مداخلات النواب، اعتبر ممثلو وزارة الداخلية أن تونس تشهد صعوبات اقتصادية حقيقة تتطلب خطة استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد ترتكز أساسا على اللامركزية. واكدوا في هذا السياق، أنّ المساعي المشتركة جارية في إطار ورشات عمل متكونة من كتّاب عامين للبلديات وخبراء وباحثين أكاديميين ومختصين... بالتنسيق مع مركز الدراسات الاستراتيجية وذلك لإعادة صياغة مجلة الجماعات المحلية بما يجعلها في تناغم مع الدستور الجديد. واشاروا إلى أنّ الدعوة مفتوحة لأعضاء مجلس نواب الشعب للمشاركة في مختلف هذه الورشات.
من جهتهم، وتفاعلا مع ملاحظات النواب، جدد ممثلو وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية تثمينهم لمشروع هذا القانون وعبروا على الأهمية التي يكتسيها مؤكدين على ضرورة التعامل معه وفق منهجية تشاركية بين جميع الأطراف المتدخلة فيه وضرورة إثرائه بما يلزم من التعديلات التي من شأنها أن تضمن الدقة في عديد الجوانب التي تطرّق إليها من جهة، وأن توفّر كل مقومات النجاح في تطبيقه من جهة أخرى.
هذا وقد تعهّد ممثلو الوزارات الثلاثة بموافاة اللجنة كتابيا بكل ملاحظاتهم ومقترحاتهم التعديلية لفصول مشروع القانون، بالإضافة إلى المعطيات الإحصائية المحينة حول البنايات المتداعية للسقوط بكل ولايات الجمهورية التونسية.
وفي ختام جلستها، قررت اللجنة مواصلة النظر في مشروع هذا القانون على أن تُخصص الجلسة القادمة للاستماع إلى هيئة المهندسين المعماريين بالبلاد التونسية وإلى عمادة المهندسين التونسيين