واصل مجلس نواب الشعب صباح اليوم الاثنين 24 جوان 2024 أشغال اليوم الدراسي البرلماني حول مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على الإتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بإمتياز الإستغلال "عشتروت"، ومشروع قانون يتعلّق بالموافقة على الإتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بإمتياز إستغلال المحروقات الذي يعرف بإمتياز الإستغلال"رحمورة"، والذي كانت نظّمته الأكاديمية البرلمانية بمبادرة من لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة، يوم الإثنين 10 جوان الجاري.
وقد أشرف على أشغال هذا اليوم الحواري السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وحضرته السيدة فاطمة الثابت شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، ونائبي رئيس المجلس السيدة سوسن مبروك والسيد الانور المرزوقي، والسيد محمد ماجدي رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة، وعدد من النواب ومن إطارات وزارة الصناعة والمناجم والطاقة.
وبيّن رئيس المجلس في البداية أن هذا اللقاء يهدف الى مزيد التعمّق في الموضوع من خلال الاستماع الى توضيحات وردود الوزارة بخصوص ما أثاره النواب من تساؤلات خلال اللقاء السابق، ومزيد التحاور مع إطارات وكفاءات وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بشأن مختلف الجوانب المتّصلة بمشروعي القانونين المتعلّقين بامتيازي الاستغلال "رحمورة " و "عشتروت".
وبيّنت السيدة فاطمة الثابث شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة أنّ سياسة تونس تقوم منذ السبعينات على الانفتاح على الاستثمار الأجنبي، مشيرة إلى أنّ الرخص تسند بناء على خبرة الشريك، ومشدّدة على أهميّة عامل الخبرة. كما أكّدت أنّ بين 75 الى 85% من الأتاوة تعود إلى الدولة التونسية في شكل أداءات أو في شكل شراءات للشركة التونسية للأنشطة البترولية.
وبيّنت أنّ الوضعية المالية الصعبة للشركات الوطنية ولا سيما الشركة الوطنية للأنشطة البترولية متّصلة بوضعيّة الماليّة العموميّة، وهي نتاج تراكم خيارات الحكومات المتعاقبة.
وأشارت من جهة أخرى إلى التأثيرات التي من شأنها أن تنجر عن خيار الانغلاق على الاستثمار في مجالات معينة. كما أكّدت انفتاح الوزارة على كلّ المقترحات في علاقة بتنقيح مجلّة المحروقات وإجراء المراجعات التشريعيّة اللّازمة.
وقدّمت السيدة رانيا المرزوقي مديرة الاستكشاف وانتاج المحروقات بالوزارة توضيحات حول عدد من المسائل لاسيما منها مصاريف الهجر، وقيمة المدخرات المجمّعة، فضلا عن الامتيازات الجبائية الممنوحة لشركة "بيرنكو"، وأسباب التأخير في عرض الاتفاقية وملحقاتها.
و أفادت بخصوص ملف مصاريف الهجر أن أصحاب الامتياز اختاروا اعتماد أحكام الفصل 2 من القانون عدد 93 لسنة 1999 المؤرخ في 17 أوت 1999 المتعلّق بإصدار مجلة المحروقات. وقد تمّ قبول امتياز الاستغلال "عشتروت" بمقتضى قرار وزير الصناعة ووفق أحكام الفصل 2 المشار إليه ولاسيما المتعلّقة بتكوين احتياطي الهجر وإعادة موقع الحقل إلى حالته الأصلية.
وبيّنت أن أصحاب الامتياز قدّموا، في إطار الملحق التعديلي لبروتوكول الاتفاق العام وملحقاته بتاريخ 13 أفريل 2006، مطلب تمديد لفترة تكوين المدخرات انطلاقا من 2008 إلى غاية انتهاء مدّة صلوحية الامتياز أي 31 ديسمبر 2023. واكّدت الموافقة على هذا المطلب، على أن ينطلق أصحاب الامتياز في تكوين المدخرات تدريجيا بداية من سنة 2008. وبيّنت في هذا الاطار أن تحيين كلفة الهجر مرتبطة بالأسعار العالمية.
وبخصوص استفسارات النواب المتعلّقة بالامتيازات الجبائية الممنوحة لصالح الشركة المتمتعة بامتياز الاستغلال، وبعدم تحسين الإنتاجية، أفادت ان شركة " أو م ف (OMV) تقدمت في إطار تحسين الإنتاج بمطلب إنجاز برنامج استثماري بمائة مليون دولار، على أن يتم في المقابل مراجعة بعض بنود بروتوكول الاتفاق العام وملحقاته الخاص بامتياز استغلال "عشتروت". وأكدت انه تمت الموافقة على الطلب المذكور بناء على مقترح تعديلي لبروتوكول الاتفاق العام وملحقاته بتاريخ 13 فيفري 2006 بين الدولة التونسية وشركتي "ايتاب" و"أو م ف" بشرط عدم تأثير ذلك على الموارد الجبائية الحالية. وبينت في نفس السياق أن مسار الاشغال تعطل أواخر 2010 بسبب التحركات الاجتماعية مما استوجب تأجيل استكمال المشروع.
وأفادت بخصوص الامتيازات الجبائية التي تتمتع بها شركة ''برنكو'' أن المسالة معقدة ودقيقة وتتطلّب الاطلاع على التصاريح الجبائية لاصحاب الامتياز او المؤسسة الوطنية والشريك الأجنبي بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة المالية.
ثم تطرّقت الى بعض الاستفسارات التي تهم شركة "برنكو" ومدى ايفائها بتعهداتها مع الدولة التونسية وامكانية تمتيعها بحق الأولية مجدّدا، وأسباب احداث فرع لها بتونس. وأشارت بخصوص الآجال القانونية المتاحة لأصحاب امتيازات الاستغلال، الى الاستشارة التي تقدّمت بها الوزارة لدى المحكمة الادارية بخصوص الاليات القانونية المتاحة لمواصلة استغلال الامتيازات بعد انقضاء مدة صلوحيتها، مبيّنة أن هذه الآليات هي آلية التمديد وآلية تفعيل حق الأولوية.
كما تطرّقت الى مسائل تتعلق بالتأخير في الاتفاقيات وامتيازات الاستغلال، مشيرة الى خصوصية مسار النظر في عقود الاستغلال من الصياغة الى مرحلة المناقشة مع المستثمر. وتطرّقت من جهة أخرى الى رقمنة الادارة العامة للمحروقات والى استراتيجية الوزارة لاصلاح قطاع الطاقة والمحروقات. وبيّنت أن الوزارة قامت بالعديد من الإصلاحات، مشيرة الى أهمية المراجعة الجزئية لمجلة المحروقات.
ثم قدّمت السيدة رانيا المرزوقي توضيحات بخصوص اللجنة الاستشارية للمحروقات، ومهامها ونشأتها وتركيبتها ودورها في اتخاذ القرارات المتعلقة بملفات قطاع المحروقات، وبينت أنها أحدثت بمقتضى الفصل 8 من مجلة المحروقات، وتتركب من ممثلين عن رئاسة الحكومة، ووزرات الدفاع الوطني. والداخلية، والمالية، و أملاك الدولة والشؤون العقارية، و الصناعة، والبنك المركزي التونسي، ويتم تعيينهم بقرار من وزير الصناعة بناء على اقتراح من الوزارات والهياكل المعنية. وأشارت الى ان الملفات المتعلقة بمنح رخص الاستكشاف والبحث عن المحروقات وتمديد مدة صلوحيتها وتجديدها علاوة على منح امتيازات الاستغلال وغيرها من الملفات المتعلقة بالقطاع، تُعرض على أنظار اللجنة الاستشارية.
من جهتها قدّمت السيدة دليلة بوعتور الرئيسة المديرة العامة للشركة التونسيّة للأنشطة البتروليّة توضیحات بخصوص تساؤلات النواب حول العلاقة التعاقدية مع إحدى الشركات الأجنبيّة، حيث أفادت أن الشركة التونسية للأنشطة البتروليّة اقتصرت على اقتناء حقوق والتزامات هذه الشركة في 2016، وذلك في إطار استراتيجية كاملة للدولة التونسية انذاك.
كما تطرقت إلى الوضعية الماليّة الصعبة للشركة في ظل تواصل الإنفاق على الانتاج دون تحصيل مداخيل لا سيما بالنظر الى عدم قيام الشركة التونسية للكهرباء والغاز، والشركة التونسية لصناعات التكرير بخلاص ديونها لدى الشركة الوطنية للأنشطة البترولية المقدّرة على التوالي بـ 660 مليون دينار و 1546 مليون دينار.
وأشارت الى الالتزامات المالية الأخرى للشركة والمتمثّلة في طلبيات النقد من الشركاء وتسديد القروض، مبينة أن ديون الشركة تقدر بـ 974 مليون دينار.
واستعرضت الرئيسة المديرة العامة الإشكاليات التي تحول دون سحب رخصة استغلال امتياز "عشتروت" من الشركة الحالية، مشيرة إلى انعكاسات ذلك على العلاقات التعاقديّة مع المستثمرين، وامكانيّة اللّجوء إلى التحكيم الدولي.
وبيّن السيد الهادي شعبان المدير العام المكلف بالشؤون القانونيّة والنزاعات بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة من جهته، أن استراتيجية الدولة تتمثل في مواصلة استغلال الحقول، مضيفا أنّ استرجاعها يتطلّب عملا قبليا على امتداد سنوات.
كما تطرّق إلى الإشكاليات القانونيّة في علاقة بقطع التعاقد مع الشركة المستغلة للامتياز، مستشهدا بالفصل 68 من مجلة المحروقات و بطابعه الإلزامي.
بدوره قدّم السيد المنصف الشابي المدير المركزي للعمليات بالمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، توضيحات بخصوص وضعية الآبار النفطية. وتطرّق الى خصوصية صرف الميزانيات التي تهم عددا من مشاريع الحقول النفطية ومقدرات الأرباح، مؤكدا ان المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية هي المسؤول الأول عن التشغيل في هذه الحقول.
وتفاعل النواب مع الإجابات و التوضيحات المقدّمة من قبل إطارات وزارة الصناعة والمناجم، مشيرين الى عدد من المسائل المتصلة بامتيازات الاستغلال وحق الأولوية والامتيازات الجبائية المسندة لبعض الشركات لا سيما الأجنبية مؤكدين أهمية التفكير في مراجعة بعض التشريعات والاتفاقيات في هذا الاطار.
وأشاروا في السياق ذاته الى جدوى المحافظة على اتفاقيات في مجال المحروقات مبرمة منذ عهد الحماية خاصة وانها تضمن للشريك الأجنبي عديد الامتيازات على حساب الدولة التونسية. كما تطرّقوا الى ملف المسؤولية الاجتماعية، متسائلين عن مدى التزام الشركات البترولية بهذه المسؤولية في ظل تفاقم المخاطر البيئية.
واكّدوا أهمية تجاوز المشاكل القانونية والمالية وتحسين اليات الرقابة، متسائلين عن كيفية التعامل مع الاتفاقيات القادمة ومدى استعداد الوزارة لها.
كما تطرقو الى مسألة التحكيم الدولي واهمية الاطّلاع على الضوابط القانونية في هذا المجال، فضلا عن ضرورة تحميل المسؤوليات لجميع الأطراف المسؤولة عن الفساد في هذا القطاع.
ودعا النواب الى التعويل على الكفاءات الوطنية في التسيير الكلي للشركات النفطية لتفادي التلاعب بالثروات الوطنية ومقدّراتها