وفد من مجلس نواب الشعب يؤدي زيارة ميدانية إلى الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد

أدّى أعضاء لجنة المالية والميزانية يوم الخميس 22 ماي 2025 زيارة ميدانية إلى الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد بتونس. وقد واكب هذه الزيارة، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة، عدد من النواب من غير أعضائها وعدد من نواب ولاية تونس.

واستهل الوفد البرلماني زيارته بعقد جلسة عمل في مقر الوكالة مع عدد من الإطارات السامية والمدير العام للمؤسسة، الذي قدّم عرضا ابرز من خلاله العوامل التي أثرت في النشاط الصناعي للمؤسسة على غرار تدني مردوديّة أغلب التجهيزات وقدم بعض آلات الصنع وعدم توفر الموارد البشرية المختصة والنقص في التكوين والرسكلة والبطء في إنجاز الاستثمارات.

كما تم التطرق إلى الصعوبات التي تعترض منظومة الإنتاج وتراجع مخزون بعض أنواع السجائر، وإبراز أهمية الدور الذي تقوم به الوكالة لمراقبة جودة المنتوجات في جميع مراحل الإنتاج وفقا للمعايير الدولية المعتمدة في مجال صناعة السجائر وتجهيز جميع ورشات الإنتاج بآلات حديثة لمراقبة الخصائص الفيزيائية للسجائر المصنوعة والقيام بتحاليل لعينات مباشرة من حلقة الإنتاج وبصفة دورية.

كما تم التطرق الى مختلف مسالك توزيع منتوجات مواد الاختصاص، وطرح أهم الإشكاليات المرتبطة بالنشاط الفلاحي على غرار تراجع المساحات المزروعة وشح المياه في السنوات الأخيرة وعزوف الفلاحين على زراعة التبغ وارتفاع كلفة اليد العاملة.

وتم التأكيد خلال العرض على أن رقم معاملات الوكالة سنة 2024 شهد ارتفاعا بقيمة 21,8 م د مقارنة بسنة 2023 حيث بلغ 607,6 مليون دينار. وتم كذلك تقديم بيانات حول النتائج المالية للوكالة، حيث حققت سنة 2024 نتيجة محاسبية صافية إيجابية بـــ 61,6 م د مقابل 110,8 م د سنة 2023 ويعود هذا التراجع بالأساس إلى ارتفاع أسعار شراء التبوغ ومواد الصنع وعدم الترفيع في أسعار بيع مواد الاختصاص خلال سنة 2024 وارتفاع سعر كلفة الانتاج وتقلص هامش الربح.


ثم قام الوفد البرلماني بزيارة مختلف مرافق وورشات الوكالة للوقوف على جودة الخدمات وسير العمل. واطلع عن كثب على مختلف مراحل التصنيع والإنتاج في ورشة صنع وتعليب سجائر الصفاء وورشة إنتاج تبغ الاستنشاق (النفة) وورشات صنع وتعليب سجائر 20 مارس وورشة إنتاج السيجار وورشة التحضيرات العامة لإنتاج الشعرة (السكافرلاتي) وورشة إنتاج مصفي السجائر إضافة إلى مختلف مخازن الوكالة للمواد المصنوعة ومواد الصنع.

وقد أكد رئيس اللجنة أن هذه الزيارة تندرج في إطار سلسلة من الزيارات المبرمجة للجنة في إطار عملها الميداني والرقابي، مبرزا أهمية الدور الاقتصادي الذي تؤمنه هذه المؤسسة. وبين أن الهدف الأساسي من هذه الزيارة هو معاينة المشاكل المالية والهيكلية والاطلاع على سير الأنشطة الاقتصادية والتجارية والفلاحية، قصد إيجاد الحلول الممكنة من خلال التعاون بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية. 

وأكد النواب خلال النقاش، دور هذه الزيارة في تشخيص الوضعية الحالية للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد والعمل على إيجاد الحلول الممكنة للنهوض بها، إمّا في إطار مناقشة ميزانية الدولة أو من خلال مقترحات القوانين.

ولاحظ النواب ضعف وسائل الإنتاج المستعملة وكذلك تردي وضعية البناية مما يؤثر سلبا على كمية الإنتاج وعائدات المالية لهذه المؤسسة. واقترحوا في هذا الاطار ضرورة وضع استراتيجيّة متكاملة بهدف توفير وسائل انتاج عصرية ومتطورة تستجيب للمعايير الدولية في صناعة مثل هذا المنتوج مع توفير يد عاملة مختصة وسدّ الشغورات الناتجة عن تقاعد العديد الاعوان والإطارات.

وأكدوا من جهة أخرى ضرورة الحد من استراد المواد المكونة للتبوغ والتشجيع على زراعة هذه المواد من خلال التقليص وتسهيل الإجراءات المطبقة وإيجاد كل الأليات الضرورية للتشجيع على الصناعة المحلية كذلك عمل على مراجعة منظومة الصفقات العمومية. 

وبين عدد من النواب أن التأهيل الشامل لهذه المؤسسة العمومية بات أمرا ضروريا باعتبار دورها في تمويل الخزينة العامة للدولة. وأكدوا ضرورة توحيد الأطر القانونية واصدار نظام أساسي موحّد للمنشآت العمومية الناشطة في نفس القطاع. 

وفي سياق متصل اكّد النواب على مواصلة العمل على تعزيز كلّ الولايات بمراكز التوزيع والعمل على احكام الرقابة على عمليات بيع التبغ ومسالك التوزيع لتفادي الاحتكار. واقترحوا رقمنه عمليات التزود بالتبغ في إطار تسهيل هذه العملية في كلّ مواقع التوزيع لإضفاء أكثر شفافية.

كما أوضح النواب أن الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد يجب أن تضطلع بدورها في إطار المسؤولية المجتمعيّة وكذلك في معاضدة مجهود الدولة في مجال الصحة العمومية. 

ومثلت هذه الزيارة مناسبة لطرح عديد الإشكاليات التي يشهدها القطاع على غرار منح رخص بيع التبغ أو زراعته وكيفية تثمين الفواضل وخاصة كيفية التعاطي مع المحجوزات من التبغ.

وتفاعلا مع ملاحظات واستفسارات النواب، بيّن المدير العام للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد فيما يتعلق بتراجع نسق الإنتاج في السنوات الأخيرة أن الوكالة بصدد القيام بتشخيص الأسطول الصناعي بهدف الترفيع في مردودية آلات الصنع التي تتطلب الصيانة المتواصلة خاصة منها الوقائية نظرا لقدم الآلات المستعملة، مشيرا إلى أن هذه الأعمال تتولى القيام بها المؤسسة عبر مواردها البشرية أو عن طريق اللجوء إلى المصنع الأصلي للآلات.

وبالنسبة للاستثمارات المبرمجة، تمت الإشارة إلى أنه سيتم مد مجلس نواب الشعب لاحقا بالمشاريع المدرجة بميزانية الاستثمار للوكالة والتي ستمكن من الترفيع في حجم الإنتاج وفقا لمتطلبات السوق. وأكد أن القطاع لم يسجل حالة تدهور بل هو في حالة نمو وذلك بتظافر كل الجهود لتحسين مناهج الصنع وتنظيم العمل داخل ورشات الانتاج وفقا لمواصفات المؤسسات الصناعية إضافة إلى برمجة حلقات تكوين لفنيي الوكالة وتحسين ظروف العمل وضمان السلامة المهنية للعاملين داخل ورشات الإنتاج وتغذية روح الانتماء للمؤسسة. 

وفيما يخص النشاط التجاري، بين المدير العام أن أهم رهانات الوكالة الاستراتيجية تتمثل في إحداث مراكز توزيع مواد الاختصاص بكل ولاية إلى جانب قباضات المالية، وأكد حرص الوكالة على معاضدة مجهود الدولة في النهوض بوضعية المالية العمومية عن طريق المساهمة في الترفيع في عائدات ميزانية الدولة المتأتية من بيوعات منتوجات مواد الاختصاص، موضحا أهمية الدور الذي تؤمنه المؤسسة لمراقبة ضمان جودة المنتوجات. كما أكد ضرورة الترفيع في طاقة الإنتاج للحد من ظاهرة الاحتكار والتنسيق مع الجهات المختصة لتكثيف عملية مراقبة مسالك التوزيع للحد من ظاهرة السوق الموازية. 

وفيما يخص النشاط الفلاحي، أوضح المدير العام للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد أن حجم الإنتاج لسنة 2023 بلغ 280 طن. كما قدّم توضيحات حول زراعة التبوغ. وبين أن الوكالة تتولى استيراد البذور وتوفير المشاتل والمبيدات للمزارعين إضافة إلى المعدات الضرورية لزراعة التبوغ وكلفة أجور أعوان مراكز تنمية زراعة التبغ وهي مصاريف تضاف إلى ثمن الشراء لتبلغ الكلفة الجملية للكلغ الواحد من التبوغ المحلية حوالي 27 دينار. كما تعمل الوكالة على التنسيق مع وزارة الفلاحة لتطوير زراعة التبوغ موضحا أن هذا النوع من الزراعة له خصوصية تتطلب تربة ومناخا معينا للحصول على تبوغ ذات جودة عالية وهو ما يستوجب القيام بدراسات وبحوث في هذا الإطار بالشراكة مع وزارة الفلاحة ومراكز البحوث التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وأضاف أن الوكالة شرعت في القيام بدورات تكوينية للمزارعين بالتنسيق مع مصالح وزارة الفلاحة لتطوير زراعة التبوغ بهدف التقليص من استيرادها إضافة إلى تشجيع الفلاحين وحثهم على الإقبال على زراعة التبغ الشرقي.

كما أكد المدير العام، أن الوكالة بصدد إعداد مشروع نظام أساسي لأعوان وإطارات المؤسسة، وسيتم التنسيق مع مصنع التبغ بالقيروان في الغرض قبل عرضه على سلطة الإشراف.

أما فيما يتعلق بالنتائج المحاسبية، أفاد المدير العام أن الوكالة تحقق أرباحا مالية منذ سنة 2020 خاصة بعد تعديل أسعار بيع منتوجات مواد الاختصاص إلا أنها تواجه بعض الصعوبات في توفر السيولة اللازمة لخلاص المزودين في الآجال.

وفي ختام الزيارة أكّد الوفد البرلماني التكامل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية في إطار عمل تشاركي للنهوض بالمؤسسات العمومية.



الملفات المرفقة :

مقالات أخرى