عقدت لجنة التشريع العام اجتماعا كامل يوم الأربعاء 21 جوان 2023 بحضور السيد حسام محجوب النائب مساعد للرئيس المكلّف بالتشريع، والسيدة سيرين مرابط النائب مساعد للرئيس المكلف بالإعلام والاتصال، خصصت للاستماع إلى ممثلي كل من وزارة المالية، والبنك المركزي، والهيئة الوطنية للمحامين، ونقابة القضاة التونسيين، وذلك للتداول حول الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بأحكام الشيك دون رصيد.
واستهلت اللجنة أشغالها بالاستماع إلى ممثلي وزارة المالية الذين بيّنوا أهمية تناول هذا الموضوع الذي يهم شريحة هامة من المجتمع التونسي خاصة في جانبه الجزائي. وأوضحوا أن تونس اختارت تجريم عملية إصدار الشيك دون رصيد باعتباره جريمة اقتصادية تخل بالنظام العام الاقتصادي. وأكّدوا أن هذه الخيارات يمكن أن تراجع في إطار مقاربة عامة وشاملة تنخرط فيها كافة الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب الردعي للإبقاء على الشيك كورقة تجارية أساسية في المعاملات التجارية.
من جهتهم أكّد ممثلو البنك المركزي أهمية التداول حول هذه المسألة لتعديل وتطوير أحكام الشيك الذي لا يزال يحتل مكانة هامّة على مستوى المعاملات المالية والتّجارية والذي يمثل حجر الزاوية في المعاملات الاقتصادية. وأوضحوا أن أحكام الشيك تمّ تنقيحها في عديد المناسبات في محاولات للتقليص من الطابع الزجري من خلال تمكين المدين مصدر الشيك دون رصيد من فرصة و آجال لتسوية وضعيته وتفادي العقوبات السالبة للحرية.
وشدّد ممثلو البنك المركزي في هذا الاطار على أن تكون المراجعة هيكلية وشاملة تواكب تطوّر المحيط المالي والتقني وتستجيب لدراسات معمقة للوضع العام الاقتصادي والقانوني والاجتماعي. وأضافوا أن هذه المراجعة يجب أن تكون في إطار مقاربة علمية تنخرط فيها جميع الاطراف المتداخلة وتضمن التوازن بين الموقع الاساسي للشيك من ناحية، والمقاربة الاجتماعية من ناحية أخرى.
وأفادوا أن البنك المركزي يعمل في إطار استراتيجية تعتمد على تطوير الدفع الالكتروني للحدّ من الدفع نقدا في المعاملات التجارية ومقاومة الاقتصاد الموازي.
وخلال الحصة المخصصة للاستماع إلى الهيئة الوطنية للمحامين، بيّن ممثلو الهيئة اهمية تناول مسألة إصدار الشيك دون رصيد. وأوضحوا أن جريمة الشيك دون رصيد هي جريمة شكلية بالأساس وان الاستعمال المتداول للشيك هو استعمال في غير موضعه باعتباره وسيلة خلاص وليست وسيلة ضمان.
واعتبر ممثلو الهيئة أن إلغاء العقوبة السجنية يتطلب توفير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والقانونية الملائمة وأوضحوا أن الاصلاح في هذا المجال لا يقتصر على تعديل الفصل 411 من المجلة التجارية، بل يجب أن يكون شاملا لعدد من النصوص القانونية الأخرى يراعى في ذلك التدرج على غرار العديد من الدول الاخرى التي انتهجت مسارا تدريجيا، إضافة إلى ضرورة الاخذ بعين الاعتبار التطور الرقمي والتكنولوجي الذي يوفر الضمانات اللازمة لحقوق جميع الاطراف.
وأفاد ممثلو الهيئة أنهم بصدد إعداد مقترح في تنقيح أحكام الشيك في أقرب الآجال.
وبيّن ممثلو نقابة القضاة التونسيين أن الشيك تحوّل من أداة للاستخلاص الحيني وتسهيل المعاملات المالية والتجارية إلى وسيلة ضمان واقتراض. وأوضحوا أن العدد الهام من القضايا المتعلقة بجريمة إصدار الشيك دون رصيد أدّى إلى إنهاك المحاكم واكتظاظ السجون وإثقال كاهل الدولة بنفقات إضافية. واعتبروا أن العقوبة الجزائية المتعلّقة بالشيك دون رصيد تتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي أمضت عليها تونس والتي تمنع سلب الحرية بسبب دين مدني.
واكّدوا ضرورة الاستئناس بالتجارب المقارنة في هذا المجال وما حققته من نجاحات في الحد من عدد القضايا وتقليص الآثار الجانبية. وتقدموا بعدد من المقترحات على غرار اعتماد الشيك الالكتروني وإثارة الدعوى المدنية لاستخلاص الدين.
وثمّن النواب مداخلات كافة الاطراف، مؤكدين أن تناول مسألة تنقيح أحكام الشيك دون رصيد وخاصة الفصل 411 منها كانت نتيجة مطلب شعبي لما ترتّب عن ذلك من تداعيات اجتماعية واقتصادية شملت عددا هاما من المواطنين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وأشاروا إلى أن هذه الاستماعات التي نظّمتها اللجنة والتي تعتزم مواصلتها، من شأنها أن تنير توجهاتهم بهدف تقديم التنقيحات اللازمة.
وفي تفاعلهم تمحورت جملة الاستفسارات والتدخلات حول ضرورة تقديم الإحصائيات اللازمة والرسمية المتعلقة بالموارد المستخلصة من الخطايا المتعلقة بالشيك دون رصيد، والعدد الرسمي و لمساجين جريمة الشيك دون رصيد. وطالبوا بتقديم الدراسات الاجتماعية لهذه الظاهرة. وتباحثوا عددا من المقترحات وإمكانية اعتمادها كوسائل بديلة من شأنها الحدّ من التعامل بالشيك.