تونس تجدّد دعوة المجتمع الدولي الى إلزام الكيان المحتلّ بوقف عدوانه الوحشيّ ووضع حدّ لاحتلاله وحصاره لقطاع غزّة وحملاته في الضفة الغربية والقدس ومقاضاته على جرائمه أمام المحاكم الدولية.
تونس تتعاطى بمسؤولية مع الهجرة غير النظامية في إطار تمسّكها بمنظومة حقوق الانسان واحترام الالتزامات الدّولية بعيدا عن محاولات التوطين المقنّع والإستغلال السياسي والإعلامي.
والقت السيدة سوسن مبروك نائب رئيس مجلس نواب الشعب كلمة السيد إبراهيم بودربالة رئيس المجلس بالمناسبة، الذي حيّا في مستهلها السيد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، ورئيس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، و السيد أداما بيكتوغو، رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكوت ديفوار وكذلك السيد محمد قريشي نياس، الأمين العام لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي،
وتقدّم السيد إبراهيم بودربالة خلال كلمته بأحرّ التهاني إلى السيد أمادو بيكتوغو، رئيس الجمعية الوطنية لجمهورية الكوت ديفوار على توليه رئاسة الإتحاد للفترة القادمةمتمنيا له التوفيق في مهامه.
كما تقدّم بعبارات الشكر والتقدير للسيد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على ما بذله من جهود محمودة على رأس الاتحاد وحرصه الدائم على متابعة الأوضاع والمستجدات على صعيد الامة الإسلامية ولا سيما في فلسطين المحتلة التي تواجه في يومنا الحاضر غطرسة وإجراما غير مسبوقين على يد الكيان الصهيوني.
وتقدم بالشكر كذلك للسيد الأمين العام السيد محمد قريشي نياس وكافة مساعديه بالأمانة العامة لما يبذلونه من جهود مقدّرة في تسيير شؤون الاتحاد.
واكد السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب ان العالم الإسلامي يمر بمرحلة دقيقة من تاريخه بسبب التعديات الصارخة على حقوق الانسان في العديد من بقاع العالم وخاصة في فلسطين جراء الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل منذ أكثر من أربعة أشهر ونصف من قبل آلة حرب الكيان المحتل وما يرتكبه من جرائم قتل وتدمير وتهجير قسري وتجويع متعمد لأهلنا في قطاع غزة بل وصل به الأمر بمكره المعهود الى محاولة تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين تحت أنظار العالم بأسره وبتواطئ مفضوح ومدان للقوى الكبرى التي تدّعي حماية حقوق الانسان.
وشدّد على انه أمام تصاعد وتيرة العدوان الوحشي والهمجي، وإمعان العدو في صلفه وطغيانه وتعمّده قتل المدنيين وتشريد الشيوخ والنساء والأطفال الأبرياء، واستهداف الصحفيين والأطقم الطبية ومراكز الإسعاف والإغاثة، تسعى تونس في كل المحافل الدولية إنطلاقا من موقفها المبدئي والثابت الداعم لقضية الشعب الفلسطيني العادلة إلى الدفاع عن هذه القضية. مذكرا بكشف تونس يوم 23 فيفري 2024 أمام محكمة العدل الدولية لحقيقة افتقاد الكيان المحتل للشرعية الدولية وخرقه الجسيم للمواثيق والمبادئ الأساسية للقانون الدولي وتعرية وجهه الحقيقي أمام المجتمع الدولي على غرار ما حصل عند صدور رأي المحكمة حول الجدار الفاصل في جويلية 2004.
كما ثمن القرار المنصف والعادل الذي أصدرته محكمة العدل الدّوليّة في لاهاي حول التّدابير المؤقّتة الواجب اتخاذها في إطار الدّعوى المرفوعة أمامها من قبل جمهورية جنوب إفريقيا ضدّ الكيان الصهيوني والذي يدعو للامتناع الفوري عن كلّ جرائم الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين والتي تمثّل انتهاكات واضحة للاتّفاقيّة الدّوليّة لمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها، إضافة إلى مطالبته بضمان توفير الخدمات والمساعدات الإنسانية العاجلة لسكان القطاع.
واعتبر أنّ هذا القرار يعد إنجازا تاريخيا وخُطوةً هامة على طريق إدانة الجرائم الهمجية للكيان المحتلّ، وانتصارًا للعدل وللقيم الإنسانيّة السّامية ولمبادئ القانون الدّولي وللميثاق الأممي وإعلاءً لصوت الحق ولقوّة الحجّة على سياسات ازدواجيّة المعايير.
وجدّد دعوة تونس للمجتمع الدولي لالزام الكيان المحتلّ بوقف عدوانه الوحشيّ ووضع حدّ لاحتلاله وحصاره لقطاع غزّة و كذلك حملاته في الضفة الغربية والقدس من خلال الإستيطان السرطاني مع مقاضاته على جرائمه أمام المحاكم الدولية.
وترحّم رئيس مجلس نواب الشعب على أرواح الشهداء الأبرار متمّنيا الشفاء العاجل للمصابين، وحيّا صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وما تسطره يومياّ من ملاحم بطولية دفاعا عن الأرض والعرض، وجدّد التأكيد على تضامن تونس ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمها الكامل لنضاله للدفاع عن حقوقه الوطنية المشروعة وتقرير مصيره، واستعادة أراضيه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وأدان في هذا السياق إعتزام بعض الدول نقل سفاراتها إلى القدس وعبر عن رفض تونس أية محاولة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي والديني للمدينة المقدسة، واستنكر بشدة مواقف عدد من القوى الدولية وتحملها مسؤولية تواصل حرب الإبادة خاصة على إثر إخفاق مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر الشقيقة من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
كما بيّن انّ تونس تحذّر من التبعات الكارثية التي تهدد الشعب الفلسطيني والمنطقة برمّتها ما لم يضطلع مجلس الأمن بوظيفته الأصلية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين والنأي عن سياسة الكيل بمكيالين وعن التوظيف غير المسؤول لحق النقض.
وفي جانب آخر من كلمته اعتبر رئيس مجلس نواب الشعب انّ مسألة التغيّر المناخي أضحت الشغل الشاغل في تونس التي تعاني من مشاكل التصحّر وندرة المياه وتدهور الموارد الطبيعية. وهي تُعتبر من البلدان الأكثر تضررا من أخطار التغير المناخي وانبعاثات الغازات الدفينة على مستوى العالم، وبيّن أن تونس تولي هذا الملف ما يستحقه من عناية واهتمام تجسيدا لما نص عليه دستور الجمهورية التونسية الذي أقرّ ضرورة "أن تكون التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة مستمرّة دون تعثّر أو انتكاس في بيئة سليمة تزيد تونس الخضراء اخضرارا من أقصاها إلى أقصاها، فلا تنمية مستمرّة دائمة إلاّ في بيئة سليمة خالية من كلّ أسباب التلوّث". وذكّر بأنّ تونس كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ سنة 1993 وبروتوكول كيوتو سنة 2002، وتوّلت تركيز عديد الفروع التابعة لمنظمات دولية تعنى بالجانب البيئي في تونس.
وأفاد بأن تونس عبّرت عن نيّتها للتعامل بجديّة من أجل خفض كثافة انبعاثاتها الكربونية بنسبة 13 في المئة بحلول سنة 2030. وأضاف أنه من المنتظر أن تزداد حصّتها من الطاقة المتجدّدة في إنتاج الكهرباء إلى 30 في المئة بحلول سنة 2030.
وفي سياق متصل، أوضح السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب ان تونس شرعت منذ عدة سنوات في عملية تقليص الاقتصاد القائم على الكربون قصد التخفيف من انبعاثات الغازات الدفينة. معتبرا ان ذلك يتطلب حزمة من الإجراءات الاستباقية طويلة المدى في مجال التّحكم في استخدام الطاقة، في ظلّ تعدد الإشكاليات التي قد تهدد استدامة هذا التوجه، من بينها نقص التمويلات اللازمة لتغيير نظم إنتاج الطاقة. وأكد ضرورة تحّمل الدول الصناعية التي ساهمت في تلويث المناخ مسؤولياتها من خلال تقديم الدعم المالي الكافي للدول التي تأثرت من التغيرات المناخية، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية للتغيّرات المناخية.
كما أوضح ان تفاقم المديونية في عديد الدول الإسلامية أدّى إلى اتساع رقعة الفقر والجوع وإرتفاع غير مسبوق لموجات الهجرة غير النظامية واللجوء، مما دفع للتفكير في إيجاد حلول فعليّة واستنباط مقاربات جديدة ذات فاعلية، وتعزيز مجالات التعاون والتّضامن بين الدول الإسلامية على أساس المسؤولية المشتركة من أجل تحقيق أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة التي اتخذت مبدأ "عدم ترك أي أحد يتخلف عن الركب".
وجدّد تأكيد تونس في هذا لمجال على طلب احداث مخزون استراتيجي من الحبوب بهدف القضاء على ظاهرة أزمة الغذاء التي أثّرت على العديد من الشعوب الإسلامية، ودعوتها إلى إصلاح المنظومة المالية العالمية وتغيير الحوكمة الاقتصادية العالمية، قصد التأسيس لنظام ناجع وعادل يساهم في سدّ الفجوة التنموية. وفي هذا السياق، شدّد على ضرورة مواصلة العمل لتذليل العقبات من أجل استرداد الأموال المنهوبة لفائدة الشعوب المعنيّة بما يمكّن من توفير تمويلات تنموية إضافية لها.
كما أبرز سعى تونس للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على مختلف الأصعدة في إطار الالتزام بقيم التضامن والتعاون الدولي لتحقيق السّلام والاستقرار في الدول الإسلامية، والتوصل الى بلورة حلول شاملة تقطع نهائيا مع الوضع الراهن خاصة في المجالات الحساسة على غرار الحدّ من ظاهرة الهجرة غير النظامية بسبب ضعف مستويات التنمية المتأثرة بالتغيرات المناخية، فضلا عن استغلال الشبكات الإرهابية والاجرامية لهشاشة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى التعاطي المسؤول لتونس مع الهجرة غير النظامية في إطار تمسّكها بمنظومة حقوق الانسان واحتراما للالتزامات الدّولية بعيدا عن محاولات التوطين المقنّع والاستغلال السياسي والإعلامي غير المسؤول والمتاجرة بهموم ضحايا الهجرة خدمة لأجندات خارجية غير بريئة في مضمونها.
وأبرز في إطار متابعة توصيات وقرارات المؤتمر السّابق للاتحاد، عمل مجلس نواب الشعب التونسي على تقديم الإضافة والمساهمة بعديد من المقترحات العملية دعمًا لمجهودات اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وتحقيق أهدافه النبيلة من أجل النهوض بالأمة الإسلامية وجني الفائدة من إجتماعاته