عقدت لجنة المالية والميزانية ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية جلسة مشتركة اليوم الخميس 20 فيفري 2025 للاستماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية والبنك المركزي التونسي حول مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 25 جوان 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في إحداث خط تمويل لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة من أجل الإنعاش الاقتصادي.
وفي مستهل الجلسة، أفاد أعضاء مكتبي اللجنتين أنه تمّت الموافقة على قروض سابقة تتعلق بتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وطالبوا بالقيام بدراسات جدوى في الغرض لإبراز مدى مساهمة هذه القروض في انتعاش المؤسسات الصغرى والمتوسطة خاصة في ظل غياب تعريف واضح ودقيق للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وعدم منح خطوط التمويل لبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي يعتبر البنك المتخصص في تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
وفي تدخّلهم، ذكّر ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية والبنك المركزي بالإطار العام لخط التمويل موضوع مشروع القانون. وتعرّضوا إلى الصعوبات التي يعاني منها نسيج المؤسسات الصغرى والمتوسطة . وبيّنوا أن 30 % فقط من المؤسسات استفادت من الإجراءات التي أقرتها الدولة لمجابهة الصعوبات المطروحة نظرا لعدة أسباب مرتبطة أساسا بطول الإجراءات وتعقيدها.
كما بيّنوا أنّ الرؤية الاستراتيجية للدولة ترتكز على إعادة دفع النشاط الاقتصادي الذي يتطلّب توفير موارد كبيرة يتم تمويل جانب منها بقروض خارجية باعتبار ضعف نسبة الادخار الوطني وتفاقم العجز التجاري المرتبط أساسا بالعجز الطاقي.
وأكّدوا من جهة أخرى أنّ وزارة الاقتصاد والتخطيط تعمل على تنفيذ استراتيجية وطنية لتحسين مناخ الأعمال وتعريف المؤسسات الصغرى والمتوسطة لتحديد المؤسسات التي يمكنها الاستفادة من هذه الخطوط، هذا إلى جانب العمل على مراجعة الإطار التشريعي لمنظومة الاستثمار وتعزيز منظومة معالجة الاستثمارات المعطلة قصد فض الإشكالات التي تعرقل الاستثمار. كما أشاروا إلى أنّ الوزارة قد توصّلت الى فض عديد الإشكاليات وحلحلة عديد المشاريع، وأضافوا أن هناك لجنة تعمل على معالجة وضعية بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة لتذليل الصعوبات التي يعاني منها.
وذكّر المتدخّلون بالعوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على الاقتصاد في تونس والتي تتمثل خاصة في ضعف الآفاق الاقتصادية الدولية وضعف ديناميكية الحركة الاقتصادية نتيجة عديد الأزمات المتعاقبة وتراجع مؤشر مناخ الأعمال وتعقيد الإجراءات الإدارية وصعوبة النفاذ إلى التمويل والإخلال بالمنافسة وضعف البنية التحتية واللوجستية وضعف منظومة الاستثمار ومحدودية رقمنة الخدمات الإدارية وتأثير منظومة التراخيص على تفاقم ظاهرة الاقتصاد الريعي وضعف ثقافة ريادة الأعمال. وأضافوا أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة تشكو عديد الصعوبات المرتبطة أساسا بعدم توازن هيكلتها المالية ونقص الشفافية فيما يتعلق بقوائمها المالية ممّا جعلها غير قادرة على التوجه للبنوك التي تفرض ضمانات مرتبطة بالمحاسبة والجباية ومعايير التصرف الحذر.
وأكدوا أنه تم إعداد الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الأعمال التي تضمّنت جملة من الإجراءات على غرار منظومة للحوافز ومراجعة كراسات الشروط في عديد المجالات ومراجعة مجلّة الصرف وإعداد جملة من الإصلاحات التي دخلت حيز النفاذ.
واستعرضوا شروط خط التمويل موضوع مشروع القانون، وأكدوا أنها ميسرة وتفاضلية خاصة فيما يتعلق بفترة السداد (20 سنة منها 5 سنوات إمهال) وهبة من الاتحاد الأوروبي وهبة من الوكالة الفرنسية للتنمية لمرافقة منح خط التمويل ودعم القدرات الفنية والمالية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وأضافوا أن هذا الخط سيمنح للمؤسسات الصغرى والمتوسطة المصنفة 2 حسب قواعد التصرف الحذر.
وخلال النقاش، أكّد النواب أهمية استغلال مثل هذه القروض لدعم الاستثمار في ظل غياب وضع تخطيط واستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد. واستوضحوا عن مخرجات الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الأعمال ودورها في التصدي للبيروقراطية الإدارية وكيفية مراجعة كراسات الشروط وعن إجراءات منح المؤسسات تمويلا في إطار هذا الخط.
ورأى بعض النواب أنه رغم الموافقة على عدد من خطوط التمويل لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة إلاّ أنه لم يتم التوصّل إلى إنعاشها. واستوضحوا عن الضمانات حتى لا يتم التلاعب بهذه الخطوط من قبل البنوك، واستفسروا عن إمكانية توجيه هذا الخط لتمويل ميزانية الدولة. وشدّدوا على ضرورة أن تضطلع وزارة الاقتصاد والتخطيط بدورها في استغلال نقاط القوة بناء على ما يتوفر من إمكانيات وثروات طبيعية وبشرية في البلاد للنهوض بالاقتصاد. كما استوضحوا عن الإجراءات التي سيعتمدها البنك المركزي للتصرف في هذا الخط.
ومن جهة أخرى، اعتبر النواب أنّ مؤسسات الايجار المالي حسب التقارير المصرفية تعتمد نسبة فائدة مشطة وتعتمد إطارا تشريعيا لا يتلاءم مع الخصوصية المالية الهشة لمعظم هذه المؤسسات، واقترحوا عدم مشاركتها في خط التمويل.
وفي ردّهم، قدّم ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة المالية والبنك المركزي بيانات حول شروط التمويل التي اعتبروها ميسرة.
وأوضحوا كيفية احتساب نسبة الفائدة بالنظر إلى نسبة الفائدة المرجعية الثابتة. وبيّنوا من جهة أخرى أن توجّه الدولة لا يقتصر فقط على الحصول على قروض لتمويل الميزانية ولكن خاصة تعبئة الموارد لتمويل الاقتصاد الوطني ودفع الاستثمار. وأكّدوا أنه لا يمكن استعمال هذا القرض لتمويل ميزانية الدولة بحكم أن هذا الخط محل متابعة من قبل لجنة على مستوى البنك المركزي التونسي إضافة إلى وجود متابعة لكيفية صرف هذا التمويل من قبل المموّل.
كما بيّنوا أن استغلال القرض سيتم على 5 سنوات بداية من سنة 2025. وقدّموا معطيات حول كيفية تحسين منظومة الاستعمال ومراقبة التصرف في القروض ودور البنك المركزي في توجيه القرض للمؤسسات المعنية وتدخل الدولة لتحمّل مخاطر الصرف عوضا عن البنوك . وأضافوا أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي لا يمكن لها الانتفاع بهذا الخط هي مؤسسات مصنفة 3 و4 حسب قواعد التصرّف الحذر المعمول بها وهي غير قادرة على خلاص ديونها مشيرين إلى أن هناك آليات أخرى لمساندتها على غرار إعادة هيكلتها المالية عبر الصناديق الاستثمارية للرّفع من قدراتها الذاتية.
وبخصوص كراسات الشروط، أفادوا أنه تم القيام بجردها وتبويبها حسب طبيعة الأثر على الاقتصاد ونسبة تعقيدها. وأكدوا أنه سيتم مراجعة 100 كراس شروط إلى حدود أواخر سنة 2025 تهم عديد المجالات على غرار الفلاحة والنقل والتجارة وتنمية الصادرات والصحة .
كما أفادوا أن للدولة رؤية واستراتيجية لتونس 2035 وتقوم بإعداد المخطط 2026 ـــ 2030 ومراجعة منهجية التخطيط في اتجاه تعزيز دور نواب الشعب في عملية التخطيط.
وقرّرت اللجنتان مواصلة النظر في مشروع هذا القانون في جلسة قادمة بعد الاطلاع على مآل وتنفيذ القروض السابقة التي تمت الموافقة عليها والمتعلقة بتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة.