عقدت لجنة المالية والميزانية جلسة مساء الخميس 19 أكتوبر 2023 استمعت خلالها إلى وزيرة المالية حول مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023.
وأكدت أن الوضع الاقتصادي الوطني تميز ، رغم العوامل الداخلية والخارجية، بتطور نمو الناتج المحلي الإجمالي واستقرار سعر صرف الدينار ، وتراجع نسب التضخم تدريجيا وارتفاع الصادرات بالأسعار الجارية.
كما بينت أنه على مستوى تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى أوت 2023 تم تسجيل تطورا للمداخيل الجبائية وغير الجبائية والموارد الذاتية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022، إضافة إلى تطور النفقات مرده أساسا زيادة نفقات دعم المحروقات ونفقات الاستثمار والعمليات المالية ونفقات التمويل.
وبيّنت من جهة أخرى أن تنفيذ ميزانية الدولة 2023 أفضى إلى عجز في الميزانية في حدود -1001 م د إضافة إلى ارتفاع أصل الدين الداخلي والخارجي بـ 1174 م د مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022 ، مما استوجب توفير تمويلات جملية في حدود 9765 م د. وأفادت أن هذه الظروف حتمت مراجعة الفرضيات المعتمدة قصد تحقيق توازن ميزانية الدولة لسنة 2023.
وبالرغم من التطوّر المهم الذي عرفته الموارد الذاتية لسنة 2023 المحينة والتي من المتوقع ان تبلغ ما قدره 45360 م.د مسجلة بذلك زيادة بــ 10.7 بالمائة أو 4367 م.د بالمقارنة مع نتائج 2022 ، فإن نتائج مراجعة الفرضيات وخاصة سعر برميل النفط أدّت الى تحيين الموارد دون المستوى المقدّر بقانون المالية الأصلي أي بنقص -1064 م د ، أو بـــ 2.3 بالمائة وذلك بالرغم من مردود إجراءات قانون المالية والمجهودات الكبيرة لتحسين الاستخلاص.
كما بلغ
حجم ميزانية الدولة لسنة 2023 زيادة بـ 1325 م د وتسجيل عجز الميزانية حوالي مستوى -12288 م د مما يستوجب تعبئة موارد اقتراض في حدود 21931 م د. هذا ويتوقع أن يرتفع حجم الدين العمومي إلى 80.2% من الناتج المحلّي الإجمالي.
وخلال النقاش، بيّن النواب أن الفرضيات التي انبنى عليها قانون المالية الأصلي لا تستند على أسس علمية دقيقة وهو ما يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة لميزانية الدولة. وأكّدوا ضرورة ان تكون خيارات الحكومة متناغمة مع مسار 25 جويلية. ودعوا إلى مزيد تحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي والتقليص قدر الإمكان من التداين الخارجي.
وأوصى النواب بضرورة اعتماد منوال تنموي جديد ومراجعة المنظومة التشريعية عوضا عن التعويل على الجباية والاقتراض. ودعوا إلى تكثيف مراقبة أملاك الدولة وعقاراتها وتحسين حوكمتها بما يدعّم موارد ميزانية الدولة. كما دعوا البنوك إلى مزيد الاضطلاع بواجبها الوطني لتمويل ميزانية الدولة بنسب فائدة معقولة مع تعزيز مساهمتها في تمويل المشاريع والاستثمارات خاصة لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
واستفسر النواب حول التضارب بين انخفاض سعر برميل النفط على المستوى العالمي وارتفاع نفقات اقتناء المواد البترولية، وعن برامج التعاون الثنائي خاصة في ملف الهبات.
وبيّنت وزيرة المالية في تفاعلها مع تدخلات النواب أن الحكومة تعمل في تناغم مع مسار 25 جويلية، وأن إعداد ميزانية الدولة لسنة 2023 تمّ بناء على أسس علمية سليمة تقوم على المراوحة بين التوازنات المجسمة في أرقام وبين الإجراءات المقترحة. وأكّدت أن كل المعطيات والبيانات المتعلقة بالمالية العمومية متاحة على الموقع الرسمي للوزارة ويمكن الاطلاع عليها وهي تترجم الشفافية والمصداقية كمنهجية عمل جديدة للوزارة. وأضافت أنه يجب إرجاع ثقافة العمل في كل القطاعات بحكم أن ثروتنا الرئيسية تكمن في مواردنا البشرية وكفاءاتنا العلمية.
وبخصوص مبررات مراجعة الفرضيات، بيّنت أن القيمة المضافة لعديد القطاعات لا سيما القطاع الفلاحي كانت سلبية وهو ما أثر على التوازنات المالية، إضافة إلى أن عدم الزيادة في أسعار المحروقات طيلة السنة ساهم في خلق ضغوطات على مستوى نفقات الدعم.
وبخصوص تمويل الميزانية أكّدت على أهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به البنوك لدعم ميزانية الدولة وكذلك دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة بما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد. وأفادت أن الوزارة تسعى لإيجاد آليات داخلية تمكّن من السيولة اللازمة على غرار تحويل الأموال المجمّدة في البنوك، إضافة إلى تفعيل عديد النصوص القانونية قصد دعم ميزانية الدولة على غرار الأمر العلي الذي يقضي بأن تحوّل الحسابات البنكية الراكدة (compte non mouvementé) طيلة 15 سنة لميزانية الدولة.
وأفادت أنه تم اتخاذ عديد الإجراءات لفائدة المستثمرين ضمن قانون المالية لسنة 2023 ولم تنل حظّها من الترويج الإعلامي، وقد تعلقت خاصة بإحداث خط لتمويل الشركات الأهلية وإسناد قروض لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية لدعم تمويل المشاريع للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، الى جانب حزمة إجراءات متعلقة بدفع التصدير.
كما تطرّقت الوزيرة الى آليات أخرى لتمويل ميزانية الدولة على غرار الأملاك المصادرة والأراضي الدولية الفلاحية والعقارات الدولية والهبات.
وأكدت أن اللجوء إلى الاقتراض الداخلي مردّه أساسا رفض القروض المشروطة والتي تمس من السيادة الوطنية. وبيّنت أن السياسة المعتمدة من قبل رئيس الجمهورية هو التفاوض بالندية مع الممولين التقليديين الأجانب بما يحفظ كرامتنا وسيادتنا الوطنية.
وفي ختام الجلسة، قررت اللجنة المصادقة على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023 معدّلا.