بمناسبة مرور سنتين على انطلاق العهدة النيابية في 13 مارس 2023، القى السيد ابراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب الكلمة التالية:
السيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب
تمُرّ غدا سنتان على تسلّمنا لعهدتنا النيابية وفقا لما ضبطه دستور 25 جويلية 2022، وبهذه المناسبة:
نؤكّد اعتزازنا بمؤسستنا الدستورية، التي أنتم عمادها، والتي تعدّ الثمرة الأولى لمسار تونس الجديدة، هذا المسار الذي انخرطنا فيه بكلّ قناعة ومسؤولية، والذي أنهى، ودون رجعة، حقبة مظلمة في تاريخ تونسنا العزيزة،
بكم وبما أثبتّموه من وطنية خالصة ومن حرص وعزم على القيام بالواجب المحمول عليكم بكلّ جدّية وتفان، نفخر اليوم بمجلسنا فضاء حرّا للرأي والرأي الآخر في إطار الاحترام المتبادل تكريسا لمبادئ الديمقراطية وبما يثري ويعزّز عمل الوظيفة التشريعية ويعلي صورتها في قطع تام مع الماضي خدمة للمصلحة العليا للبلاد.
زميلاتي، زملائي الأعزّاء،
لقد أثبتّم، قولا وفعلا، تشبّعكم بروح الوطنية الخالصة وبقداسة المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا لمواصلة الاسهام الصادق والجاد جنبا إلى جنب مع بقيّة وظائف الدولة ومؤسساتها الرسمية من أجل غد أفضل لبلادنا وللأجيال القادمة.
كما أكّدتم عبر مختلف المحطات السابقة إيمانكم بالخيارات التي تنتهجها بلادنا تكريسا للسيادة الوطنية في كلّ تجلّياتها وتجسيدا لاستقلالية القرار الوطني، وما أبديتموه دوما من حرص على صون المسار واستعداد للتصدي لكلّ من يحاول عرقلة سير مؤسسات الدولة وإرباك المسار.
والمتابع لمسيرة المجلس يدرك أنّ المنجز التشريعي والرقابي وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية كان ثريا وهاما ووجب تثمينه والعمل على تطويره، والأهمّ من ذلك أنّه تمّ في إطار الاحترام الكامل للمقتضيات الدستورية والقانونية، ويتجلى هذا النجاح، على وجه الخصوص، في أوّل عمل مشترك مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
كما توصلنا فضلا عن ذلك إلى المصادقة على سبعين (70) مشروع قانون بما في ذلك على وجه الخصوص مبادرتان تشريعيتان للنواب، وهي نصوص شملت مجالات متنوّعة وهامة من أبرزها قوانين للمالية ولتمويل مشاريع استثمارية وأخرى في مجالات اجتماعية وصحية ولتنظيم مجال البنايات المتداعية للسقوط ومكافحة المنشطات والمسؤولية الطبية وتنقيح المجلة التجارية والقانون الانتخابي وكلّ من المرسوم المتعلّق بالصلح الجزائي والمرسوم المتعلّق بمؤسسة فداء وآخرها القانون الأساسي المتعلّق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم.
زميلاتي، زملائي الأعزّاء،
إنّ قيمة المنجز، لم تحجب عنّا الحاجة الملحة للتقييم، لما لمسناه سويّا من نقائص وعوائق تتطلب التشخيص والوقوف على مسبباتها في المقام الأوّل، بالقدر الذي يتطلبه استشراف الحلول وسبل التطوير والتجويد، ولما يحدونا جميعا من إرادة وعزم راسخ للمضي قدما نحو تحقيق الأهداف التي تحمّلنا من أجلها هذه الأمانة.
وفي هذا السياق، فقد تمّ اتخاذ القرار المتعلّق بتكوين ثلاثة فرق عمل لتقييم أداء المجلس في المجالين التشريعي والرقابي وفي مجال الديبلوماسية البرلمانية، وقد باشرت هذه الفرق أشغالها من أجل الخروج بمقترحات عملية كفيلة ببلوغ الغايات التي نصبو إليها لمزيد الارتقاء بالأداء النيابي في جميع أوجهه.
وإنّ هذا الجهد، وكغيره من الأنشطة النيابية الرسمية أو الأنشطة الحوارية والتكوينية والعلمية التي تنتظم في إطار الأكاديمية البرلمانية، متّجه كلّه نحو تحقيق النجاعة المأمولة وبلوغ المردودية المطلوبة.
ونحن اليوم، وإذ نعرب عن اعتزازنا بما حقّقه مجلسنا على امتداد الفترة المنقضية في إطار ممارسته لصلاحياته الدستورية، نغتنم هذه المناسبة لنجدّد شكرنا وامتناننا لكافة أعوان وإطارات المجلس، بمختلف أصنافهم ورتبهم، لما يبذلونه من جهود مقدّرة من أجل مرافقة ومساندة مختلف الهياكل النيابية وانجاح أعمالها، والشكر والتقدير موجّهان كذلك إلى مؤسسة التلفزة الوطنية والديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي وللمؤسسات الإعلامية والصحفية التي تواكب أشغالنا، وإلى كلّ من يسهر على أمن وسلامة المجلس ومحيطه.
هذا، وأمام التحديات الجسيمة التي ندركها جميعا، مثلما ندرك حجم انتظارات شعبنا وتطلعاته المشروعة، فإنّنا لا نعوّل إلا على الثقة في مؤسساتنا وفي تكاملها وتعاونها، كتعويلنا على الثقة في النفس، كُلّنا عزم لا يلين، وإصرار لا ينضب على المكابدة وبذل قصارى الجهد من أجل مناعة بلادنا ورقيّ وعزّة شعبها الأبيّ.
السيدات والسادة النواب الأفاضل،
إنّ مجلسكم يؤكّد مجدّدا أنّه على أتمّ الاستعداد للقيام بما تتطلبه ثورة تشريعية حقيقية بفكر جديد ومغاير، ثورة تشريعية تقطع مع ما كان سائدا وتضع في أولوياتها المشاريع التي تعمل على تنزيل فلسفة دستورنا الجديد، وتلك التي من شأنها تحسين الأوضاع المعيشيّة للتونسيات والتونسيين في جميع ربوع البلاد.
سنواصل بإذن الله وعونه أداء واجبنا على أحسن وجه والاضطلاع بمهامنا في إطار التناغم والتعاون بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية هاجسنا الأكبر إيجاد الحلول للصعوبات الماثلة والتغلّب على المشاكل اليومية للمواطن، وغاياتنا الأسمى إرجاع الأمل والطمأنينة في النفوس وزرع ثقافة التفاؤل والبذل والعطاء بما يضمن حقوق المواطن في العيش الكريم ولكفالة مستقبل واعد للأجيال القادمة.
وفّقنا الله لما فيه خير ومصلحة وطننا العزيز