عقدت لجنة المالية والميزانية جلسة يوم الثلاثاء 19 مارس 2024 استمعت خلالها إلى ممثلين عن وزارة المالية والبنك المركزي التونسي حول مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي.
وأشارت الى أن نتائج الدراسة المرجعية التي تمّ إنجازها سنة 2018 أفضت إلى أن نسبة الإدماج المالي بتونس محدودة مقارنة بعديد الدول الأخرى ويعزى ذلك أساسا إلى عدة أسباب أهمها عدم تلاؤم العرض والطلب وكلفة الخدمات المالية وضعف التثقيف المالي.
وأوضحت أنه تم في الغرض إعداد استراتيجية وطنية لدعم الادماج المالي 2018-2022 في إطار مقاربة تشاركية وتوافقية ترتكز على عدة محاور أهمها دعم التمويل الرقمي، وتطوير الدفع عبر الهاتف الجوال ممّا يساهم في تسهيل وتعميم استعمال الخدمات المالية وتعزيز الإدماج المالي الرقمي، ودعم التأمين الصغير، وتمكين المؤسسات العاملة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من تمويلات تتماشى وحاجياتها، اضافة الى العمل على تطوير التثقيف المالي ودعم حماية مستعملي الخدمات المالية، ووضع آليات لتمويل مؤسسات التمويل الصغير، وخاصة وضع مؤشرات تقييمية لمتابعة انجاز الاستراتيجية وتقييم نجاعة وأثر مختلف الآليات.
وأكدت ان أهم الأهداف التي انبنى عليها مشروع القانون تمثل تجسيما لمخرجات هذه الاستراتيجية والتي تتمثل أساسا في مكافحة الإقصاء المالي من خلال تطوير الإطار القانوني والمؤسساتي لتمكين الفئات الهشة والمحدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة وكذلك المؤسسات الصغيرة التي تستجيب لشروط محددة من منتجات وخدمات مالية بمختلف أنواعها وخاصّة منها الرقمية وكذلك الخدمات غير المالية التي تلبي احتياجاتهم، والتي يتم توفيرها بطريقة مسؤولة، مع دعم حمايتهم ممّا يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي و الإدماج الاجتماعي ويُسهل انخراطها في الدورة الاقتصادية وفي دفع عجلة التنمية وخلق مواطن شغل وموارد رزق جديدة وخاصة التقليص من التفاوت الجهوي والحدّ من وضعية الإقصاء المالي والتهميش بمختلف أشكاله.
كما تطرق ممثلو وزارة المالية إلى تعزيز دور السلط الرقابية للقطاع المالي من خلال تدعيم دور سلطة رقابة التمويل الصغير على المعطيات المتعلقة بطبيعة الأشخاص المعنيين بالإدماج، وشرط السن وشرط توفر الضمان للانتفاع بالقروض المقدمة من قبل مؤسسات التمويل الصغير. وتعرضوا الى الدور الرقابي للهيئة العامة للتأمين وأهمية الإدماج التأميني والفئات المستهدفة، والتوسيع في مسالك توزيع عقود التأمين وتأطير عملية اكتتاب عقد التأمين عن بعد.
من جهته أكد ممثل البنك المركزي التونسي ضرورة تنزيل دراسة مشروع القانون في إطار مقاربة شاملة ورؤية استراتيجية متكاملة بإعتبار ارتباطه بعديد النصوص الأخرى ذات العلاقة، ولما تتضمنه أحكامه من توجهات تؤسس لحوكمة جديدة في مجال النفاذ للتمويل. كما أوضح أن إدماج الفئات الهشة ومحدودة الدخل سيمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية وتعزيز الاندماج في الدورة الاقتصادية.
وقدّم معطيات حول الإجراءات المتعلقة بترشيد التداول نقدا، ودعم النفاذ إلى خدمات الدفع بما يمكّن من الاطلاع على كل المعطيات الخاصة بالمستفيدين من عملية استبدال الأوراق النقدية وتعزيز إدماجهم ضمن الدورة الاقتصادية.
وخلال النقاش أثار النواب مسائل تعلّقت بالخصوص بضرورة إحكام الرقابة على استعمالات القروض الصغرى حتى لا توجه للاستهلاك ولتساهم في تنشيط الاقتصاد. ودعوا إلى مزيد الإحاطة بمؤسسات التمويل الصغير في الجانب التوعوي والإعلامي. واستفسروا عن الفئات العمرية المشمولة بالتمويلات الصغيرة ونسب الفائدة الموظفة.
واقترح النواب من جهة اخرى تركيز البنك البريدي الذي سيساهم بصفة فعّالة في تقريب الخدمات المالية خاصة في المناطق الداخلية وإعادة هيكلة الجمعيات التنموية الصغرى. وشددوا على ضرورة مراجعة نسب الفائدة الموظفة على القروض الصغرى والتي مثلت اكبر عامل من عوامل الإقصاء المالي. وطالبوا في هذا الإطار بتمكين مجلس نواب الشعب من ملامح الأوامر التطبيقية المتعلقة ببعض الفصول حتى يتسنى التثبت من مدى التناغم بين روح وفلسفة القانون ونصوصه التطبيقية.
وفي ردودهم، قدّم ممثلو وزارة المالية معطيات حول عدد المنتفعين بالقروض التي تسديها جمعيات القروض الصغرى ومؤسسات التمويل الصغير، والإجراءات المتعلقة بإسناد هذه القروض وشروط الانتفاع بها وملفات الترخيص المتعلقة بهذه المؤسسات.
وبيّنوا أن الغرض من هذا القانون ليس تعبئة موارد مالية لميزانية الدولة وإنما دفع عجلة التنمية وخلق مواطن شغل وموارد رزق جديدة. كما أوضحوا أنه لا يوجد قانون قائم الذات حول الإدماج المالي في البلدان الأخرى وإنما إجراءات مضمنة في نصوص قانونية بحكم اختلاف خصوصيات الأنظمة المالية والبنكية.
كما قدّموا معطيات حول عدد القروض التي تم إسنادها سنة 2023 من قبل مؤسسات التمويل الصغير والموجهة لجل القطاعات ويتم تمويلها من قبل البنك التونسي للتضامن ضمن آليات تمويل تضعها الدولة في حدود 100 مليار سنويا. وأشاروا إلى أن الظرف الاقتصادي هو الذي جعل نسب الفائدة الموظفة عليها مرتفعة نسبيا تصل إلى 30% بحكم أن هذه القروض تتحصل عليها المؤسسات من البنوك بنسب فوائض مرتفعة.
من جهته تفاعل ممثل البنك المركزي مع الاستفسار المتعلق بإحداث بنك بريدي، وأوضح أن الموقف المبدئي لا يرفض هذا الموضوع لكنه يتطلب الدرس لكي يكون مشروعا ناجحا بحكم ارتباطه بالخدمات المالية والودائع ومنح القروض وخدمات الدفع ويتجاوز كل الإشكاليات التي يمكن أن تطرح