نظّمت الاكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب اليوم الاربعاء 30 أفريل 2025 يوما دراسيا حول "مشروع قانون يتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة"، أشرف عليه السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وحضرته السيدة سوسن المبروك نائب رئيس المجلس، والسيد المنصف المعلول، نائب رئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة، والسيد رؤوف الفقيري مقرّر هذه اللجنة، وعدد من الخبراء، وممثّلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وكنفدرالية المؤسّسات المواطنة التونسية، وعدد هام من النواب والضيوف .
وإثر الكلمات الافتتاحية لكل من رئيس مجلس نواب الشعب، ونائب رئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة، ومقرّر هذه اللجنة، قدّم السيد حاتم قطران، أستاذ متميز بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، مداخلة حول مشروع القانون المتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، معتبرا أنه أهمّ إصلاح يطال مجلة الشغل منذ اعتمادها بالقانون عدد 27 المؤرخ في 30 أفريل 1966 ، وأنّه ينصهر في إطار استراتيجية وطنية تعطي معنى ملموسا للمبدإ الدستوري الذي يعترف بالحق في العمل في ظروف لائقة وكذلك السياسة الاجتماعية الاستباقية والمنسّقة للدولة. وأضاف أنّه كان بالإمكان ان يكون مشروع القانون مسبوقا باستشارة على أوسع نطاق للمنظمات الممثلة لأصحاب العمل والعمال، خاصة في ظل مصادقة تونس على عدد من اتفاقيات العمل الدولية التي تلزم باتباع نهج المفاوضة الجماعية والمشاورات.
واعتبر من جهة أخرى أنّ التعديل في أحكام مجلة الشغل على أهميته كان جزئيا باعتباره اقتصر على 5 فصول، مؤكّدا ضرورة أن يكون شاملا للمجلة باعتبارها ستؤثّر على تمثيل العمال في المؤسسات وعلى علاقات الشغل الجماعية.
وأفاد أنّ المشروع المعروض على أنظار المجلس أزال الخلط بين عقود الشغل ذات المدّة المعينة وعقود الشغل ذات المدة غير المعينة، مع مكافحة ممارسات التحايل على القانون، فضلا على تميّز الأحكام المقترحة بقدر كبير من الحرص على توفير تحكيم أكثر تماشيا بين الاعتبارات الاقتصادية الهادفة إلى ملاءمة أنماط العمل لقدرة العامل واحتياجات حسن سير المؤسسة، من ناحية، والاعتبارات الاجتماعية التي تم تأكيدها من خلال حظر الممارسات المختلفة للاستخدام الاحتيالي لصيغة عقد الشغل لمدة معيّنة من ناحية أخرى.
واعتبر انه من مميزات مشروع القانون حصر إمكانية اللجوء إلى صيغة عقد الشغل معينة في الحالات الاستثنائية والموضوعية التي تبرره دون سواها، فضلا عن اشتراط الكتابة في طور ابرام العقد وعدم ارجاء ذلك لاحقا بعد انقضاء مدّة العقد.
و أشار من جهة أخرى الى نقاط القصور في مشروع القانون معتبرا أنّه لم يتوفّق، في حسن التحكيم بين المعايير والممارسات المهنية في إطار منع المناولة مما يطرح تساؤلات بخصوص مآل مؤسّسات العمل المؤقت. وأوصى ببعض التعديلات لا سيما المتعلقة بإضافة حالات أخرى يجوز فيها اللجوء إلى عقود شغل لمدة معينة بغاية دفع حركة الاستثمار وتشغيلية بعض الفئات من طالبي الشغل، إضافة الى الحاجة الى تنظيم عقد الشغل لفترات متقطّعة في السنة ومراجعة مقتضيات مشروع القانون الخاصّة بتنظيم صيغة عقد الشغل المقترن بفترة تجربة، فضلا عن مراجعة مسألة العقوبات المالية والعقوبات السالبة للحرية باعتبار ها عقوبات لا تشجع على الاستثمار.
وشدد في الختام على أهمية أن يكون القانون عادلا ويحقق التحكيم المنشود بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية.
ثم قدّم السيد حافظ العموري، أستاذ التعليم العالي بالمعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية بتونس مداخلة بعنوان " تعليق قانوني على فصول مشروع مراجعة مجلة الشغل"، اعتبر خلالها أن القانون يجب أن يحقّق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ولا سيما من حيث مراعاة ظروف المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهي التي تمثل 80بالمائة من النسيج الاقتصادي. وقدّم ملاحظات بخصوص بعض فصول مشروع القانون خاصة المتعلقة بالفصل 6-4 جديد المتعلق بإبرام عقود الشغل لمدة زمنية معينة، مشدّدا على أهمية تنقيح الفصل 21 من مجلّة الشغل باعتبار أنه مكمل لهذا الفصل .
و أشار كذلك إلى ضعف النص المتعلّق بعقود إسداء الخدمات، مشدّدا على أهمية إصدار النصوص الترتيبية المرافقة لعديد النصوص الغامضة، و مؤكّدا في السياق ذاته أهمية إصدار القرارات المشتركة التي تعرّف ماهية العمل الموسمي من أجل عدم عرقلة عمل بعض القطاعات الموسمية لاسيما الفلاحية والسياحية. ودعا الى أهمية تحديد حماية حقوق الشغّالين مع المرونة في تطبيق مختلف الاحكام.
وبخصوص مؤسسات المناولة، اعتبر أنّ الفراغ التشريعي الحاصل ساهم في بروز هذا القطاع الهش، مشيرا الى ممارسات بعض شركات المناولة الخارقة للقانون، وداعيا الى أهمية وضع حد للانتهاكات الحاصلة في هذا القطاع. كما حثّ على ضرورة تنقيح الفصل 28 المتعلق بمنع المناولة، معتبرا ان الفصل 30 هو من أخطر الفصول في مجلة الشغل، داعيا الى إعادة صياغته.
وأشار الى الهنات المتعلقة ببعض فصول مشروع القانون خاصة الفصل 6-3 جديد المتعلّق بفترة التجربة في عقود الشغل، معتبرا أنّه سيكون متناقضا مع مقتضيات الفصل 7 من مجلة الشغل، فضلا عن الفصل 6-4 جديد المتعلّق بعقود الشغل لمدة معينة، مؤكّدا أهمية التنصيص على الحالات الاستثنائية بشكل أوضح. كما تطرّق إلى الفصل 09 معتبرا أنّه فقد جدواه ويتضارب مع فحوى الفصل 148 .
وأكّد من جهة أخرى أهمية وضع التحوّلات العالمية في مجال المهن بعين الاعتبار لاسيما المتعلقة بتنامي التكنولوجيات الحديثة وعالم الذكاء الاصطناعي التي اثّرت بشكل هام على قطاع التشغيل. وشدّد على أهمية الصياغة الجيدة للنصوص القانونية وعدم الانحراف بالقانون حتى تضمن حماية حقوق العمال في جميع القطاعات الخاصة والعمومية مع مراعاة مصلحة المستثمرين وخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة.
من جهتها قدّمت السيدة سناء السويسي، أستاذة محاضرة بكلية الحقوق والعلوم السياسية مداخلة بعنوان: "قراءة في مشروع تنقيح أحكام مجلة الشغل المتعلقة بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة." واعتبرت أنّ مشروع القانون تدارك الفراغ التشريعي في موضوع المناولة، مؤكّدة ضرورة أن تتّجه فلسفته نحو تحصين حقوق الشغّالين مع إضفاء جرعة من المرونة حفاظا على ديمومة المؤسسات. كما بيّنت أنه يقوم على فكرتين أساسيتين وهي مراجعة الأحكام الموجودة وتحديدا مراجعة النظام القانوني لعقود الشغل محددة الزمن والاحكام المتعلقة بمؤسسات اليد العاملة الثانوية، وتدارك الفراغ التشريعي المتعلق باليد العاملة .
كما قدّمت ملاحظات تتعلّق ببعض الفصول معتبرة انها تتضمن بعض الغموض على غرار الفصل 6-3 جديد المتعلق بنطاق فترة التجربة والفصل 6-4 جديد، معتبرة ان طريقة التجميع في الحالات الاستثنائية بخصوص ابرام العقود لمدة معينة تمس من مقروئية النص.
ثم تطرّقت الى الفصول 28 و29 و30 ، مشدّدة على أهمية اعتماد الدقة في صياغة النصوص الجزائية. وأوضحت في جانب آخر مسألة حالات اللجوء الى عقود الشغل محدّدة المدة ومضمونها مع أهمية التنصيص على مفهوم الاعمال الموسمية. وأشارت إلى الاحكام المتعلقة بفترة التجربة معتبرة ان الفصل السابع من الاحكام الانتقالية الوارد بالباب الرابع يتضارب مع أحكام الفصل 6-3 المقترح في المشروع، داعية الى توحيد فترة التجربة. كما قدّمت ملاحظات بخصوص الاحكام المتعلقة بالمناولة وتجريمها، الى جانب العقوبات معتبرة أنّ مؤسسات العمل الوقتي مهمة وذات مردودية في المجال الاقتصادي وهي قائمة على العلاقات الثلاثية.
وأشارت في الختام الى أهمية الصياغة الجيّدة والتدقيق في النصوص القانونية فضلا عن ضرورة التنصيص على آليات الرقابة الشغلية .
ثم قدّم السيد النوري مزيد، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بصفاقس، مداخلة بعنوان : "قراءة في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة " . واعتبر أنّ مراجعة مجلة الشغل تأخّرت ولم تكرّس مكونات العمل اللائق مما ساهم في انتشار العمل الهش والمتاجرة باليد العاملة. وأكّد أنّ أحكام مشروع القانون تضمّنت توجّهات اجتماعية لفائدة العمال عبر توفير ضمانات حمائية لهم ضد مخاطر التهميش وعدم الاستقرار في العمل. وبيّن من جهة أخرى أنّ هذه الأحكام لا تخلو من بعض الغموض والنقائص، سواء فيما يتعلّق بتنظيم عقود الشغل، أو فيما يتعلّق بمنع المناولة، و كذلك الأحكام الانتقالية.
وقدّم مجموعة من الملاحظات تخصّ تنظيم عقود الشغل ولا سيما إقرار عقود الشغل المبرمة لمدة غير معينة و تحديد فترة التجربة. واقترح أن يكون تحديد فترة التجربة بطريقة مختلفة حسب الصنف الذي ينتمي له العامل على غرار ما أقره الفصل 10 من الاتفاقية المشتركة الإطارية، مشدّدا على أهمية تبديد الغموض المتصل بفترة التجربة في نص القانون .
واقترح بخصوص تقييد اللّجوء إلى عقد الشغل المبرم لمدّة معينة، أن ينصّ مشروع القانون على هذه المعايير بالاتفاقيات المشتركة أو بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، ودعا الى استشارة المنظمات المهنية الممثلة لأصحاب العمل والعمال.
وقدّم ملاحظات بخصوص مسألة المناولة، معتبرا أنّ نص المشروع كان إيجابيا وواضحا، ومستنكرا المنع القطعي لمثل هذه الآلية. ودعا إلى أهمية الاطّلاع على التجارب المقارنة في هذا المجال، مع تحديد طبيعة الإعارة لليد العاملة، معتبرا أنّ المعايير الدولية لم تمنع ذلك. واقترح التنصيص على جواز اللجوء إلى إعارة اليد العاملة لأغراض غير ربحية.
كما اقترح التنصيص على أنّ منع مناولة اليد العاملة ينحصر في الحالات التي ترتبط فيها هذه الممارسة بغايات ربحية أو تقترن بمفهوم السمسرة أو المتاجرة باليد العاملة بما يترتب عنه إلحاق ضرر بالعامل بحرمانه من الحقوق التي يقرها له القانون أو الاتفاقيات المشتركة.
واقترح من جهة أخرى إضافة أحكام تتعلّق بتنظيم اللّجوء إلى مؤسسات العمل الوقتي، وذلك بوضع شروط محدّدة تتضمّن حصر تدخل هذه المؤسسات في الحالات الظرفية الطارئة التي ترتبط بأعمال وقتية وغير مرتبطة بالنشاط العادي والدائم للمؤسسة المستفيدة، مع التنصيص على عقوبات جزائية في صورة الإخلال بتلك الشروط.
وأكّد في الختام أهمية مراجعة العقوبات الجزائية مع ضبط الحدّ الأقصى، مع الاستغناء عن العقوبات السجنية .
وقدّم السيد منير الفرشيشي، قاض ومدير عام مركز الدراسات القانونية والقضائية، مداخلة بعنوان: "مشروع القانون والمبادئ القياسية التعاقدية." بيّن فيها أن هذه المبادئ تبوّب إلى ثلاث أبواب هي المبادئ الموضوعية وأهمها حرية التعاقد والأمان التعاقدي وحسن نية التعاقد، والمبادئ الذاتية وأهمها موضوع وسبب وإدارة التعاقد، ثم المبادئ التفعيلية وهي شروط ما تحت العقد. واعتبر أن المشرّع احترم هذه المقاييس في هذه المبادرة التشريعية. وأضاف أن المشرع كان مجدّدا لمعنى العلاقة الشغلية، وذلك من حيث تطوير ورعاية البعد الاجتماعي فيه دون الوقوع تشريعا في المس من الاستقرار الاقتصادي للمؤسسة، وتقويم العلاقة الشغلية نحو العدالة التعاقدية، وبالتالي احترام مبادئ العقد.
وأكد في هذا السياق ضرورة أن تتوفّر وسائل مصاحبة لضمان تطبيق هذه الخيارات، مبيّنا أن غيابها في النص المعروض يمثّل احدى النقائص.
كما بين أن صحة التشريع تقاس بوضوح النصوص، مؤكدا ان المشرع كان واضحا في الأهداف التشريعية والوسائل الصياغية. وأشار إلى الأهداف التي حدّدها المشرّع والمتمثلة في تعديل التوازن بين طرفي العقد وضمان الاستقرار التعاقدي وتجريم المخالفات.
ثم قدّم السيد هشام اللومي نائب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ملاحظات الاتحاد حول مشروع القانون. وأعرب في بداية مداخلته عن تبني الاتحاد للمبادئ الكبرى لمشروع القانون والتزامه بها، معتبرا أنّ الأولوية تكمن في المحافظة على مواطن الشغل. وأفاد من جهة أخرى أن عديد المستثمرين التونسيين والأجانب أعربوا عن قلقهم من هذا المشروع نظرا للتعقيدات التي قد يطرحها. وبيّن في نفس السياق أن التشغيل الوقتي منظومة عالمية، وأنّ المناولة ضرورية في بعض الأحيان بشرط مطابقتها للمعايير الدولية، مشيرا إلى مخاطر خسارة مواطن الشغل والمستثمرين.
ثم قدم السيد سامي السليني المبادئ العامة لمواقف الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية حول مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. وأكّد موافقة الاتحاد على ضرورة الانتقال بالتشغيل الهش نحو العمل اللائق وسدّ المنافذ أمام التعسف والالتجاء المفرط للحالات الاستثنائية، ووضع حدّ لحالات عدم الاستقرار في العمل مع تدعيم حركية التشغيل، بالاضافة إلى تمكين المؤسسات من أفضل الآليات التشغيلية في إطار قانوني منظم ومرن وجاذب للاستثمار وفق المعايير الدولية.
كما قدّم اقتراحات الاتحاد بخصوص عقود الشغل على غرار توسيع الحالات الاستثنائية التي يتم فيها اللجوء إلى العقود محدودة المدة، والمحافظة على فترة التجربة المعمول بها حاليا، وإحداث عقد العمل لفترات متقطعة كشكل من التعاقد بما يضمن استمرارية تشغيل العامل الموسمي والظرفي لعدّة سنوات.
وأشار السيد سامي السليني إلى مراسلة رئاسة الحكومة في 2011 و 2012 والاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الاجتماعية في 2012 و2024 لإيجاد حلول تحفظ حقوق العامل ومصلحة المشغل دون أي تجاوب. كما استعرض مقترحات لتعديل مشروع القانون، تعلقت أساسا بالفصول 28 و29 و30.
من جهته أشار السيد خليل الغرياني إلى أنّ مشروع القانون بني على مفهومي الدولة الاجتماعية والعمل اللائق، معتبرا أن العمل اللائق يجب أن يكون مرتبطا بالانتاجية وليس بطبيعة العقد. وبيّن في هذا السياق أن توفر العناصر الإنتاجية التي تحسن القطاع الاقتصادي وتحقق ديمومته تؤدي بالضرورة إلى تحسين وضعية الشغل وتحقق ديمومته. كما أشار إلى وجود بعض المفاهيم الغامضة في الفصل 30 تستوجب التوضيح.
وفي مداخلة قدّمها السيد محمد بن خليفة، عضو مكتب تنفيذي وطني للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ، مكلف بالفلاحين الشبان، اعتبر أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يعد من المسائل الجوهرية التي تمس مباشرة بكرامة العاملين في قطاع الفلاحة والصيد البحري وتؤثر بصفة مباشرة على سير هذا القطاع وإستقراره واستدامته. وأشار إلى رفض الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري آلية المناولة باعتبارها تمثل امتهانا لكرامة الإنسان ومتاجرة باليد العاملة.
كما أكد جدلية الترابط بين إعادة الاعتبار إلى العمل كقيمة حضارية لتحصين الكرامة وخلق الثروة وبين العلاقات الشغلية، التي اعتبرها دعامة لقاعدة التكامل الاقتصادي ومن ضمانات الحوار والسلم الاجتماعي المسؤول والمتكافئ .
كما ذكّر بأن قطاع الفلاحة والصيد البحري، يكتسي بعدا استراتيجيا بإعتباره يستقطب أكبر شريحة اجتماعية، ويساهم في تشغيل ما يقارب 50 بالمائة من جملة السكان الناشطين القارين والموسميين.
من جهته قدّم السيد سليم عبد الجليل، عضو المجلس العلمي بكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية " كوناكت " توضيحا حول الأدوار الاقتصادية التي تضطلع بها المنظمة تماهيا مع ما نصّ عليه الدستور فيما يتعلق بالقطع مع مظاهر العمل الهش. كما شدّد على ضرورة أن يكون مناخ العمل صلب المؤسسة الاقتصادية متوازنا وبعيدا عن التناحر والنزاعات، بما يكرّس الاستحقاقات في التنمية العادلة والشاملة والمتوازنة تمسكا بروح المسؤولية المشتركة .
وتطرق إلى موضوع الوسطاء في مجال المناولة الذين اعتبرهم عصابات متاجرة باليد العاملة وامتهان كرامة العمال.
وخلال النقاش العام ، تناولت تدخلات النواب بالخصوص مدى مرونة القانون وخاصة آليات الرقابة في الفضاءات الاقتصادية وفض النزاعات في علاقة المؤجر بالعامل، إضافة الى مسائل تتعلق بتسوية وضعيات العمال على مراحل. وشدّد بعض المتدخلين على أهمية تكاتف المجهود الوطني للقضاء نهائيا على البيروقراطية. واقترح آخرون تخصيص صندوق دعم لضمان حقوق العمال والتصدّي لكافة التجاوزات المخلة بكرامة الطبقة العاملة في مختلف القطاعات.
كما ثمّن عدد هام من النواب الأبعاد الإنسانية والثورية التي ينطوي عليها مشروع قانون منع المناولة، مؤكّدين أن الصبغة الثورية لهذه المبادرة التشريعية تستوجب تضافر جهود المجموعة الوطنية وخاصة أصحاب المؤسسات على ضوء التـأثيرات الاقتصادية. وشدّدوا على أهمية العمل على تجسيد مقتضيات هذا القانون في الواقع، بعيدا عن كل أشكال الاستغلال والمتاجرة الرخيصة.