مجلس نواب الشعب ينظّم يوما دراسيا حول مشروع قانون الموافقة على الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين تونس وإيطاليا

نظّمت الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب صباح اليوم الجمعة 9 ماي 2025 يوما دراسيا حول مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالموافقة على الاتفاق بين الجمهورية التونسية والجمهورية الإيطالية حول الإعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الإستبدال، أشرف عليه السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، بحضور السيد صابر الجلاصي رئيس لجنة التخطيط الإستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية، وعدد من النواب ومن إطارات وزارة النقل .


وبيّن السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب في بداية الأشغال أنّ هذا اليوم الدراسي الذي يندرج في إطار نشاط الأكاديمية البرلمانية يقوم على حوار مباشر مع الإطارات المختصّة في الوظيفة التنفيذية قصد الاستفادة من خبرتهم، وإثراء المفاهيم التي سيتم اعتمادها  خلال دراسة مشروع القانون الذي سيعرض على الجلسة العامة.  كما أشار إلى أهمية استشراف مجالات  توسيع الاتفاقيات مع عديد الدول ولاسيما التي بها عدد كبير من التونسيين الذين يمكنهم الاستفادة منها.


من جهته أكّد السيد صابر الجلاصي رئيس لجنة التخطيط الإستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية، أهمية مشروع القانون المعروض على هذا اليوم الدراسي والمتعلّق بالموافقة على الاتفاق بين تونس وإيطاليا حول الإعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الإستبدال، مبيّنا أن هذه الاتفاقية هي قيمة مضافة لجاليتنا بإيطاليا ولإدماجها في سوق الشغل. وأكّد حاجة التونسيين في إيطاليا وفي مختلف أنحاء العالم الى مثل هذه الاتفاقيات حتى تكون سندا لهم في الاندماج في الحياة اليومية وفي سوق الشغل .

ودعا إلى مزيد البحث وتفعيل عديد الاتفاقيات الأخرى بالنّظر إلى أثرها الطيّب على الجاليات التونسية في مختلف أنحاء العالم، ولاسيما أفراد الجاليات المتواجدين في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وكندا وامريكا وعديد البلدان العربية والذين طالبوا خلال التواصل معهم بإيجاد مثل هذه الاتفاقيات .

كما أبرز رئيس لجنة التخطيط الإستراتيجي أهمية رخصة السياقة سواء في تونس أو في مختلف بلدان العالم ، مشيرا الى ما تمّ التداول بشأنه مع ممثّلي وزارة النقل خلال دراسة اللجنة لمشروع هذا القانون  من حيث  الإجراءات وتبادل المعطيات الشخصية والتعامل الند بالند مع الدول التي تبرم معها هذه الاتفاقيات . وأكّد الحرص على أن تكون  رخصة السياقة التي يتم استبدالها في إيطاليا بنفس الخصائص ونفس الأصناف،  مثمّنا في هذا الصدد مجهودات وزارتي النقل والشؤون الخارجية في التعاطي بجدّية مع هذا الملف وفي حفظ كرامة التونسي خارج الوطن .


ثم تولّى السيد طارق البوعزيزي المدير العام للنقل البري بوزارة النقل، تقديم مداخلة تطرّق في مستهلّها الى الاطار العام لمشروع هذا القانون الأساسي . وبيّن أنّ الجمهورية التونسية تسعى إلى إبرام اتفاقيات ثنائية في مجال الاعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الإحاطة بمصالح الجالية التونسية المقيمة بالخارج وتيسير اندماجها والاستجابة لطلباتها وخاصة طلبات الشغل، وكذلك لتلافي الإشكاليات المحتملة عند استعمال مواطنينا بالخارج لرخص السياقة أو عند رغبتهم في استبدالها.

وأضاف أنّ هذه الاتفاقيات تهدف إلى مزيد توضيح آليات الاستعمال والاستبدال من حيث تحديد الشروط المطلوبة والآجال ومعادلة أصناف رخص السياقة في الاتجاهين، مبيّنا أنّ مشروع هذا القانون الأساسي المعروض الذي بادرت بإعداده وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، يندرج في هذا الاطار .

كما بيّن أن السلطات التونسية تعتمد، تطبيقا للتشريع النافذ، على مبدأ المعاملة بالمثل القاضي بالسماح باستعمال رخص السياقة الأجنبية وتعويضها بأخرى تونسية إذا كانت هذه الرخص مسلّمة من قبل بلدان تسمح في ظروف مماثلة باستعمال رخص السياقة التونسية وتعويضها بأخرى مُسلّمة من قبلها، وذلك دون إخضاع أصحابها إلى إجراء امتحانات الحصول على الرخصة.  معتبرا أنّ هذا التمشي أسرع وأنجع ويتماشى مع خصوصيات بعض الدول ولا يقتضي توقيع أي اتفاق ومن شأنه أن يستجيب لطلبات الجالية التونسية.

ثم قدّم المدير العام للنقل البري لمحة حول الاتفاق الذي تمّ توقيعه بروما في 16 جانفي 2025 . وبيّن أنّ الجانب الإيطالي اقترح في جانفي 2024 مشروع اتفاق جديد بخصوص الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين البلدين يلغي ويعوّض الاتفاق المبرم بين البلدين في روما بتاريخ 7 ماي 2004 الذي يبقى ساري المفعول إلى حين دخول الاتفاق الجديد حيز النفاذ . واعتبر أنّ هذه المبادرة تندرج في إطار الإجراءات التي اعتمدتها السلطات الإيطالية لإجراء تعديلات على اتفاقيات النقل البري الموقّعة مع عديد الدول على غرار مصر والجزائر و المغرب لملاءمتها مع التشريعات الأوروبية خاصة فيما يتعلّق بحماية المعطيات الشخصية وآجال تغيير رخص السياقة.

ثم قدّم نموذجا لرخصة السياقة الذي سيتم اعتماده، مشيرا الى مواصلة عمليات استبدال جميع أصناف رخص السياقة التونسية بأخرى إيطالية باستثناء بعض نماذج رخص السياقة التونسية المسلّمة منذ مارس 2023 من نوع بطاقة ائتمان، وتحمل رمزا مشفرا، والتي يقتضي استبدالها دخول الاتفاق الجديد حيز النفاذ ، حسب إجراءات السلطات الإيطالية.

وبيّن أنه تم إعداد الملاحق الفنية ومختلف فصول هذا الاتفاق والتفاوض بشأنها مع الجانب الإيطالي، وذلك بغاية توفير أفضل الضمانات القانونية للجالية التونسية بإيطاليا، وفي إطار المعاملة بالمثل. وأضاف أنّه تمّ التفاوض بشأنه والتوقيع عليه خلال الزيارة الرسمية التي أدّاها وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إلى إيطاليا بتاريخ 16 جانفي 2025 بروما.  وأكّد أنّ هذا الاتفاق ينص بالخصوص على الاعتراف المتبادل برخص السياقة المسلّمة من قبل أحد البلدين بغاية الاستبدال دون إخضاع صاحبها إلى إجراء اختبارات نظرية وتطبيقية بعد استكمال الإجراءات.

ثم تطرّق الى أحكام هذا الاتفاق، والتي تضمّنت بالأساس مدّة صلوحية استعمال رخصة السياقة الأصلية بغاية الجولان ببلدي الطرفين، وإجراءات استبدالها ومعادلتها، إضافة إلى الجهات الرسمية المعنية بتبادل المعلومات بخصوص التثبت من صلاحية وصحة رخص السياقة والمكلفة بالقيام بعملية الاستبدال بالنسبة لكل طرف. كما أشار الى إجراءات معالجة المعطيات الشخصية المنصوص عليها بالمادة العاشرة والملحق المتعلّق بنظام إحالة المعطيات الشخصية بين السلطات المختصة.

كما تطرّق إلى الملاحق الفنية لهذا الاتفاق، وبيّن أنها تتضمّن جدول معادلة لاستبدال رخص السياقة المسلمة بتونس برخص إيطالية، وجدول معادلة لاستبدال رخص السياقة المسلمة بإيطاليا برخص تونسية، إضافة الى نماذج رخص السياقة التونسية والإيطالية.

كما بيّن أنّ هذا الاتفاق يتضمّن ملحقا يتعلق بنظام إحالة المعطيات الشخصية بين السلطات المختصة لكل طرف، مؤكّدا أنّ مصالح الوكالة الفنية للنقل البري هي الجهة المعنية بتطبيق الاتفاق وهي مطالبة بالتقيّد بالأحكام الواردة بهذا الملحق. وشدّد على الحرص على تكريس مبادئ حماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين بالخارج.

وبيّن السيد طارق البوعزيزي أن الأحكام المقترحة بمشروع القانون الأساسي تنص في فصل وحيد على الموافقة على الاتفاق بين الجمهورية التونسية والجمهورية الإيطالية حول الاعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الاستبدال الموقع بروما بتاريخ 16 جانفي 2025 والملحق بهذا القانون الأساسي، مبرزا أهم الأسباب الداعية لعرضه والمتمثّلة بالخصوص في استكمال الإجراءات الوطنية المستوجبة لدخول هذا الاتفاق حيز النفاذ في أقرب الآجال الممكنة، والتعجيل بذلك استجابة لطلبات أفراد الجالية التونسية المقيمة بإيطاليا.

واستعرض في ختام مداخلته قائمة الاتفاقيات الثنائية المبرمة في مجال استعمال واستبدال رخص السياقة مبيّنا أنها تشمل كلا من إيطاليا، وسوريا، وليبيا، والجزائر، والمغرب، واليمن، وإسبانيا ، إضافة إلى موناكو ، وتركيا، وموريتانيا، وصربيا.


وخلال النقاش العام طرح النواب تساؤلات تمحورت بالخصوص حول الدول الأخرى التي ستشملها إتفاقية الإعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الإستبدال على غرار الإتفاقية الراهنة مع إيطاليا،  كما تساءلوا عن خصوصيات التعامل مع فئة كبار السن عند إستبدال رخصة السياقة أو سحبها، وكيفية التعاطي القانوني في دول الهجرة مع الحالات الصحية الإستثنائية الطارئة على أصحاب الرخص. وأثاروا كذلك مسائل ذات بعد إجتماعي تتصل بالخدمات المسداة لفائدة ذوي الإحتياجات الخصوصية في إطار هذه الإتفاقية.

و طالب بعض النواب بتوضيحات حول طريقة سحب النقاط المعتمدة في عديد الدول والتي يتم على إثرها سحب رخصة السياقة في صفوف المهاجرين متسائلين عن مدى إعتماد الجانب الإيطالي لهده الطريقة. وطالب نواب آخرون بتوضيحات حول التصوّرات المعتمدة في إستخراج رخصة السياقة ، متسائلين عن مدى إعتماد برامج الرقمنة و عن تفعيل آليات الحصول على الرخصة في وقت قياسي.

واقترح النواب سحب الاتفاق حول الإعتراف المتبادل برخص السياقة بغاية الإستبدال على دول الخليج العربي لإثراء مجالات التعاون التونسي مع الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء. وأكّد البعض أهمية التركيز على الدول ذات التشغيلية العالية، معلّلين هذا التوجه بتأثيراته الشغلية والإدماجية النوعية لفائدة أبناء الوطن بالخارج خاصة في ما يتعلق بفرص الحصول على بطاقات مهنية، تدعم مكانتهم في دول الإقامة.

ورفع بعض النواب المشاغل التي أثارها عدد من افراد الجالية التونسية بإيطاليا عند التواصل معهم ، مؤكّدين أبرز مطالبهم في إطار الاتفاق الراهن والمتمثلة في تعميم رخص السياقة لفائدتهم على كافة وسائل النقل وعدم  الاقتصار على النقل الثقيل.


وفي التعقيب على تدخلات النواب تطرّق ممثلو وزارة النقل الى المسار التفاوضي للإتفاقية التونسية الإيطالية، وأوضحوا أن  الجانب التونسي نجح في أن يختصر النتائج الملموسة لهذه الإتفاقية في أربعة أشهر، مؤكّدين ندّية التفاوض مع الجانب الإيطالي وترجيح كفّة الرخص المخوّلة للعمل لفائدة جاليتنا.

كما قدّموا توضيحات حول التوجّه العالمي الراهن نحو تعميم هذه الإتفاقية، مشيرين  إلى مجالات التكوين التقني المتّصلة بها، حيث يتمّ  العمل على إنجاح برنامج تكوين تخصصي بالشراكة مع وزارة التكوين المهني ومركز برج السدرية للتكوين.


وفي ختام الأشغال أثنى السيد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب على ثراء الحوار الذي شهده هذا اليوم الدراسي، مشيدا بمستوى التعامل الندّي مع بلادنا في مثل هذه الإتفاقيات الدولية بما يكرس مبدأ إحترام السيادة الوطنية.

كما دعا النواب إلى العمل على تجسيد البعد التشاركي في نشاط الاكاديمية البرلمانية ولاسيما عبر التفاعل مع مختلف المحاور المبرمجة ضمن الأيام الدراسية وتقديم مزيد من المقترحات ، بما يفتح آفاقا واعدة للعمل التشريعي والرقابي .


الملفات المرفقة :

مقالات أخرى